ظاهر في العموم ، بل لو عمّ فهو بالنسبة إلى المال الآيس عنه صاحبه ، كالواقع في البحر ، لا مطلقا ، ونحوه الصحيحة ، مع أنّ البعير المسؤول عنها لكلالها في فلاة الأرض وعجزها عن السير من الأموال الحقيرة التي لا يعتني بها صاحبها ، ولذا قيد الأصحاب حكمه بما إذا كانت متروكة في غير كلاء ولا ماء ، بحيث كانت في حكم التالفة.
وخصوص الموارد المتقدمة لا يشهد بالعموم ، خصوصا بملاحظة اختصاص الوفاق والخلاف في كلماتهم بها ، فإنّك تريهم لا يتجاوزون عن حكم البعير المتروكة في فلاة عن جهد إلى الشاة وسائر الدوابّ بحكم النصّ. وسمعت من المسالك في إطلاق الصيد مع الإعراض وقصد الخروج عن التملك ، نسبة القول بعدم الخروج إلى الأكثر. وعرفت الحكم بالتفصيل في السفينة المنكسرة ، بين ما أخرجه البحر وما أخرجه بالعوض ، من جهة النصّ.
ثم أقول : الذي يترجّح عندي في تحقيق المسألة : أن رفع المالك يده عن ماله : إمّا اختياري ، بإعراضه عنه وقصده عدم تملكه ، أو اضطراري ، بأن يحصل له اليأس عنه عادة ، كالواقع في البحر ، وفرار الطير عن القفس.
ثم الكلام : إمّا في خروجه عن ملك المالك بمجرّد الإعراض أو اليأس ، أو في ملكه للآخذ بقصد التملك.
أمّا في الأوّل : فمقتضى النظر بقاؤه على ملك المالك ، وإن خرج عن المالية ، للاستصحاب ، فإنّ الملك أمر شرعي وحكم وضعي ، فكما يحتاج في حدوثه وثبوته إلى سبب شرعي ، كذا يحتاج في خروجه إلى ناقل شرعي ، ولم يثبت من الشرع أنّ نية الخروج عن الملك أو اليأس عنه من القواطع الشرعية ، وإن قلنا بصيرورته بها مثل المباحات التي يجوز أخذه بقصد التملك ، لما عرفت من ضعف ما استدلّ به.