فإن قلت : لا نسلم حجّية استصحاب الملزوم حينئذ ، فلا يكون دليلا شرعيا ، لاستلزامه نقض اليقين بالشك في اللازم ، فلا يشمله أخبار الاستصحاب ، إذ يلزم ـ حينئذ ـ من ثبوت مدلولها عدمه ، وهو باطل.
قلت : المنهيّ عنه في قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » نقض اليقين ، استنادا إلى الشكّ ، أو بشيء باعتبار الشكّ في مزيليته ، لا باعتبار دليل شرعي دلّ على مزيليته ولو تعبّدا.
فإن قلت : من الأخبار ما دلّ على المنع عن النقض عند الشك مطلقا ، ولو بغيره ، كقوله عليهالسلام في رواية ابن عمار : « إذا شككت فابن على اليقين » (١) وهو يشمل النقض بسبب استصحاب المزيل.
قلت : أوّلا سياق الكلام ظاهر ومتبادر في النهي عن هدم اليقين بسبب الشك ، كما في مثل قوله : « إذا سافرت للصيد فلا تفطر أو ابن على الصوم » أي : لا تجعل سفر الصيد ناقضا للصوم ، فلا يدلّ على حرمة الإفطار فيه لمرض ونحوه.
فلا يدلّ الخبر على البناء على اليقين عند الشكّ بسبب تعبديّ آخر ، سيما بملاحظة سائر أخبار الباب ، الناهية عن النقض بسبب الشكّ أو عدم الاعتناء بالشكّ ، كصحيح زرارة (٢) ، ورواية الخصال (٣) ، وغيرهما (٤).
وثانيا : أنه لو سلّم فيه الإطلاق ، فهو يعمّ ما إذا كان هنا مزيل مسبوق بالعلم
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٥١ ، الرواية ١٠٢٥.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الرواية ٦٣١.
(٣) الخصال ١ : ١٦٠ و ١٦٥ ( في حديث الأربعمائة ) ؛ ورواها عنه في الوسائل ، نفس الموضع ، الرواية ٦٣٦.
(٤) وسائل الشيعة ٤ : ٢٢٢ ، الباب ٨ من أبواب القبلة ، الرواية ٥٢٤٠.