تابعة بما اتفقاه ، فلا يفيد الإباحة ، كما أشار إليه الكركي (١) في نفي الاشتراط ، قائلا : « بأنّ المقصود من المتعاطيين إنّما هو الملك ، فإذا لم يحصل كانت فاسدة ، ولم يجز التصرف في العين ، وكافة الأصحاب على خلافه ». انتهى.
وعلى القول بعدم اشتراط الصيغة كانت بيعا صحيحا ، فلم يبق للقول بالإباحة المشهور بينهم محلّ في المسألة.
وإن كان الخلاف فيها مجرّدا عن قصد البيع فهي ليست بيعا قطعا ، ويفيد الإباحة قولا واحدا ، إذ الظاهر عدم الخلاف في مشروعيته حينئذ ولو على جهة المبادلة ، وأيضا لم يتحقّق منهم أنّ الخلاف في المعاطاة هو فيما يتحقّق فيه سائر شرائط البيع عدا الصيغة ، كما هو صريح المسالك (٢). ولازم كونه بيعا ، أو يعمّ غيره ، كما هو لازم تعليقهم الإباحة بحصول التراضي ، مضافا إلى ما نقل عنهم من عدم اشتراط قبض المجلس في معاملة النقدين في المعاطاة.
وعن الشهيد في القواعد (٣) تجويز جهالة العوضين فيها ، وأيضا قولهم بأنّ المعاطاة بيع صحيح أو فاسد أو إباحة مطلق في المقام ، مع أنّ جماعة ذكروا فيه وغيرهم في غيره : أنها تأتي في غير البيع أيضا من العقود المعوضة العينية كالصلح والهبة المعوّضة ، ونحوهما. انتهى كلامه. أقول : هذه الإشكالات لا محلّ لها ، فإنّ النزاع في إمكان إيقاع البيع على وجه المعاطاة وعدمه ، فمن قال بالأوّل ، وهو من لم يشترط الصيغة ، يقول باشتراط قصد البيع وسائر الشروط عدا الصيغة عند إرادة البيع بها ، ومن قال بالثاني لا يجوز قصده منها ، ويقول : لا يصلح لغير الإباحة ، وإن لم يستجمع شرائط البيع فلا يقصد منها البيع ، وهكذا في سائر العقود.
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.
(٢) مسالك الأفهام ٣ : ١٤٧.
(٣) لم نقف عليه ، ولكن بحث عن الغرر في القواعد والفوائد ٢ : ٦١.