لتعيين المعنى المجازي بعد صرف اللفظ عن العموم المحذور فيه ، سيما مع تعاضدها بقرينة تعقبها بقوله تعالى ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ) (١) ، الآية ، فإنّه يشعر كون المراد بالعقود أمثال تلك الأحكام المفصّلة الموظفة قبل الخطاب ، كما في الكشاف.
ويؤيّده أيضا عدم ذكر عقد آخر في الروايات المرويّة عن الحجج الطاهرة من بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غير ما هو المتداول عند الفقهاء الموظف بخصوصه ، فبملاحظة أمثال ذلك يتعيّن حمل العقود بعد تعذّر الحقيقة على ما تقدّم توظيفه قبل الآية.
فأمّا أنّه هل هو من باب التقييد واللام على الاستغراق ، أو من باب العهد ، فيه احتمالان ، والقرينة العرفية المذكورة صالحة للأمرين ، حسب ما مرّ ، لإمكان جعل اللام إشارة إلى هذا البعض بقرينة سبق العهد ، أو كونها على حقيقتها أي الاستغراق وتقييد المدخول بقرينة انصراف اللفظ إليه ، إلّا أنّ أصل الحقيقة في اللام يرجّح التقييد ، ويكون معنى الآية وجوب الوفاء بجميع أفراد العهود الموثقة المقررة قبل الخطاب ، فصحّ الاستدلال بها على نفي ما شك في اشتراطه أو مانعيته في العقود الموظفة ، دون غير معلوم التوظيف.
فإن قلت : الموظفة هي الجامعة للشرائط فلا يتمّ تقريب الاستدلال.
قلت : توظيف الشرائط لا يمنع عن توظيف الماهيّة أعني جنس الموظفة ، فيرجع الشك إلى أنّ المراد جنس الموظّفة أو هي منضمّة إلى الشرائط المقرّرة ، فليقتصر على القدر المتيقّن من القيد ، وهو الأوّل على البناء على التقييد الذي عرفت أنه مقتضى الأصل ، والقرينة العرفية لا يقتضي أزيد منه ، فمقتضى الأمر الوفاء بجميع أفراده ، إلّا ما ثبت خروجه بدليل.
فإن قلت : لا شكّ في حصول العلم بكثير من الأفراد الصحيحة قبل نزول الآية ،
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.