الاستصحاب يتبع بقاء الموضوع ، فلا بدّ من تشخيصه أوّلا حتى يستصحب حكمه ، والمتيقّن سابقا فيما نحن فيه ثبوت الخيار لمن يتمكن من تدارك ضرره بالفسخ ، فلا ينسحب في الآن اللاحق ، مع كون الشخص قد يتمكن من التدارك ولا يفعل ، فإنّ هذا موضوع آخر.
وفيه : أنّ هذا مسلم فيما كان الموضوع مشخصا بحدوده وقيوده في دليل الحكم ، فلا ينسحب بالاستصحاب بعد تغيّر بعض قيوده ، لرجوع الشكّ ـ حينئذ ـ إلى المقتضى الثانوي ، كما إذا قال ، الماء المتغيّر نجس ، فإنّه لا يجري استصحاب النجاسة بعد زوال هذا القيد ، مع عموم أدلّة حجيته. وإن علم اشتراط هذا القيد في حدوث الحكم أوّلا ، مع فرض الشكّ في اشتراطه للبقاء ، كما إذا قال : إذا تغيّر الماء فهو نجس ، فزال التغير من قبل نفسه ، فإنّه يصحّ الاستصحاب ـ حينئذ ـ وقد بيّنا ذلك مستوفى في الأصول ، ومورد البحث من الثاني ، إذ للقائل منع كون العجز عن تدارك الضرر شرطا لبقاء الخيار ، وإن كان شرطا لحدوثه.
نعم ، يمكن المناقشة في الاستصحاب لو كان مستند الحكم بالخيار في الأوّل مجرّد أدلّة الضرر ، إذ مدلولها نفي الضرر الواقع بحكم الشارع ، فالدليل مقيد بالضرر الشرعيّ لا الاختياريّ ، فحيث لم يتدارك المغبون ضرره بالفسخ مع تمكّنه عنه ، كان بقاؤه باختياره ، فالشكّ في بقائه كان في المقتضى الثانوي. ولعلّه إلى هذا ينظر ما في الرياض (١) من أنّ المستند في هذا الخيار : إن كان الإجماع المنقول ، اتّجه التمسّك بالاستصحاب ، وإن كان نفي الضرر ، وجب الاقتصار علي الزمان الأوّل ، إذ به يندفع الضرر. انتهى. فتأمّل.
وكيف كان ، فالاستصحاب ـ ولو سلّم جريانه ـ لا يعارض عموم دليل اللزوم
__________________
(١) رياض المسائل ٥ : ٤٢٥.