تفسيره السبب في كتاب الغصب بما يعمّ القسمين الأخيرين ، حيث قال : التسبيب إيجاد ما يوجد التلف عنده لعلّة أخرى ، إذا كان مما يقصد به التلف. ومثّل له بحفر البئر في الطريق ، وفتح رأس الظرف ، والإكراه على التلف.
والظاهر أنّ مراده مما يقصد به التلف ، ما كان من شأنه ومحتملا له (١) عادة ، كما فهمه من تأخّر عنه ، احترازا عما لا يحتمل كذلك ، كوضع حجر صغير ، أو طرح قشر فاكهة في الطريق ، فاتفق العثار به لأحد أحيانا ، فإنّه لا ضمان فيه.
ولعلّه لذا نشأ الخلاف في الصياح على العاقل البالغ في حصول الضمان به وعدمه ، نظرا إلى عدم توقع الإتلاف منه ، بخلاف الطفل أو المريض.
وفي قصاص القواعد (٢) خصّه بالقسم الثاني ، حيث مثله بعد حكمه بثبوت القصاص بإتلاف النفس المعصومة ظلما بالمباشرة ، أو التسبيب بالاختناق بالحبل ، وسدّ الفم عن جريان النفس ، والرمي بالحجارة ، والحبس عن الماء والطعام ، وتقديم الطعام المسموم.
ثم عدّ الأسباب المهلكة ثلاثة الشرط ، والعلّة ، والسبب. فقال : الشرط ما يتوقّف تأثير المؤثر عليه ، ولا مدخل له في العلّة ، كحفر البئر ، ولا قصاص فيه ، بل الدية والعلّة ما أسند إليه الفعل ، كالجراحات المولدة للسراية المولدة للموت. والسبب ما له مدخل في التأثير في الجملة ، كالعلّة ، ويشبه الشرط في عدمه ، وله مراتب ثلاثة : الإكراه بالقتل ، وشهادة الزور في القتل ، وإطعام المسموم.
وتخصيصه هنا مراتب السبب بكل ما يتوسّط بمباشرة الغير لا وجه له.
وكيف كان ، فوجه اختلاف تفسيريه للسبب في كتاب القصاص وغيره ، لعلّه
__________________
(١) محتملاته ( ظ ).
(٢) قواعد الأحكام ٣ : ٥٨٣.