نعم ، وحدة اللفظ الدال على الإنشاء شخصية لا تصدّق على أبعاضه ، وأين هو من المدلول بالنسبة إلى مصاديقه.
ومن هذا يظهر إمكان التجزئة في أحكام إنشاء واحد ، فيما علم فيه فساد البعض ، وإن كان اللفظ الدال على إنشاء الكلّ واحدا غير قابل للتجزئة.
فإن قلت : قصد إنشاء الكلّ كيف يتصور مع فرض العلم بفساد البعض.
قلت : قصد الإنشاء لا يستلزم العلم بالصحة الشرعية وترتّب الأثر ، ولا ينافي العلم بعدمه ، كما في إنشاء الفضولي الذي يجب أن يقع على البتّ والجزم دون التعليق ، وإلّا كان باطلا اتفاقا ، مع احتمال عدم إجازة المالك ، وبالجملة الإنشاء فعل العاقد ، وليس هو إلّا إيقاع اللفظ بالقصد والالتفات إلى معناه على وجه السببية ، والانتقال أمر شرعي ، ولا يلزمه العلم بحصوله غاية الأمر علمه حينئذ بكونه عبثا.
وعلى الثالث : أنّ ما يناط به العقد هو الرضا بما تعلّق به الإنشاء الذي دلّ عليه لفظ العقد ، وقد سمعت أنّه تعلّق بكلّ بعض على وجه الاستقلال ، تعلّق حكم الكلّي وأمّا الرضا الخارج عن ذلك ، فهو من الدواعي ، لا يؤثر في بطلان العقد ، مع أنّ وقوع التراضي على المجموع من حيث هو مطلق. ممنوع ، فقد يعلم من مساومة المعاملة أو شاهد الحال أو اعتراف العاقد خلافه.
وعلى الرابع : ما عرفت مفصّلا ، وكفاك شاهدا ما تكرّر ذكره من صحّة توصيف كلّ جزء باسم المعاملة ونسبتها إليه ، كمن باع قطيعة غنم يصدق على كلّ غنم أنّه باعه واشتراه المبتاع.
وعلى الخامس : أنّ وحدة اللفظ لا يستلزم وحدة المدلول ، ووحدانية السبب لا يستلزم وحدانية الأثر ، كما مضى ، فوجود المانع عن تأثيره في بعض المسبّبات لا يمنع عن تأثيره في غيره.