إن بعض الجهال والمنحرفين الذين يستغلون الفرص المناسبة لإِسداء الضربة القاضية إلى التعاليم الدينية ، قد استغلوا هذه المناسبة فراحوا يقولون إن البشر استطاع أن يخلق بشراً مثله ، وبهذا لا داعي لموافقة المتألهين حول حصر نسبة الخالقية إلى الله . ولتوضح الموضوع والرد على هذه الشبهة لا بد من تمهيد بعض المقدمات .
إن الطريقة الطبيعية في تربية فروخ الدجاج هي أن يستقر البيض تحت جناحي الدجاجة وريشها ، ويفقس البيض بعد ثلاثة أسابيع . . . ولقد فكر البعض فيما مضى في إيجاد حرارة مشابهة لحرارة جسد الدجاجة في الدرجة في جهاز خاص وذلك لغرض التفقيس بلا دجاجة . ولقد تم هذا العمل فعلاً ، واليوم يفقس عدد كثير من البيض عن كتاكيت بواسطة الحاضنات الأوتوماتيكية . . . ولكن لم يظهر لحد الآن من يتمكن من صنع البيضة ـ التي هي بمنزلة خلية كبيرة لنطفة الكتكوت ـ وسوف لن يستطع من ذلك في المستقبل ، بل يجب عليه أن يحصل على البيض من نفس الطريق الذي قرره خالق الكون . أي عن طريق الدجاجة (١) .
واليوم نجد أن البروفسور الإِيطالي قد أخذ نطفة الرجل والمرأة ـ التي هي بمنزلة البيضة ـ من مجراها الطبيعي ، ولقحها في المختبر ـ الذي هو بمنزلة مكائن التفقيس ـ مع فارق واحد هو أن جهاز التفقيس يؤدي عملاً واحداً هو تنظيم درجة الحرارة وتقليب البيضات ظهراً لبطن يومياً لمنع الترسب . . . بينما يجب على البروفسور الإِيطالي أن يقوم بمائة عمل أو مئات الأفعال لتهيئة
____________________
(١) وهنا نضيف إلى عبارة الأستاذ الفلسفي نكتة مهمة . وهي أنهم على فرض صنعهم للبيضة أيضاً بطريقة ميكانيكية ، فلا يسمى عملهم ذلك خلقاً ، بل هو اقتباس لخلق الله . . . إذ لا يتم ذلك على فرض الإِمكان إلا بعد فحصهم لمكونات البيضة وعناصرها وتحليلها ومعرفة ظروف تركيبها من حرارة وضوء ورطوبة . . . الخ ، كي يتمكنوا من صنع بيضة مثلها ، وحينذاك لا يسمى عملهم هذا خلقاً بل هو تقليد لخلق الله .