الطفل بين الوراثة والتربية [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في الطفل بين الوراثة والتربية

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الطفل بين الوراثة والتربية [ ج ١ ]

إتباع العقل :

يسأل يعقوب بن السكيت من الإِمام الرضا عليه‌السلام أسئلة حول معاجز الأنبياء ، وبعد أن يجيبه عن تلك الأسئلة ، يسأله عن الحجة القاطعة والدليل الساطع على نبوة النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلاً : « فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال عليه‌السلام : العقل » (١) .

يشير الإِمام الرضا عليه‌السلام بكلامه هذا ، إلى أن الأفراد يجب أن ينظروا في تعاليم القرآن بنظر العقل والدقة ، ويوجهوا أفكارهم إلى حقيقة ساطعة هي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام في عالم مظلم ودور جاهلي أهوج ، في الحجاز . . . حيث مظاهر البداوة والتفرقة والحزازات ، حيث لا مدرسة ولا مكتبة ، ولا حديث عن العلم والعالم ، ولا أثر للمنطق والتفكير . . . قام في مثل ذلك الدور العصيب ـ وهو أُمي لم يدرس عند أحد ـ فأخذ يدعو الناس إلى الإِيمان ، بحماس وثبات شديدين ويهديهم إلى شاطىء الأمن والسعادة ، وأخذ يقول في كل شيء كلمته بمنطق صحيح ودليل قاطع ، ووضع القوانين لكل جانب من جوانب الحياة ، وأخذ بيد تلك الأمة المتأخرة إلى حيث العزة والكمال والعظمة . . . ولا تزال تعاليمه الرصينة تهب الحياة للبشرية من دون أن تفقد قيمتها العلمية والإِجتماعية . . . في مثل هذه الظروف وعلى مثل هذه الأوضاع يحكم العقل ـ بلا تردد ـ بأن البشر العادي ـ سواء في أمسه أو يومه ـ يستحيل عليه أن يقوم بعمل جبار كهذا ويترك هذه الآثار العظيمة في الجوانب المختلفة من الحياة . فليس ذلك النبوغ وتلك العظمة وهذه الرصانة في التعاليم إلا نتيجة الإِتصال الوثيق بخالق الكون عن طريق الوحي والإِلهام .

( إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ) (١) .

وليس معنى الإِيمان بالنبي والنبوة إلا هذا الاعتقاد بالإِرتباط المعنوي بين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والله تعالى وكونه سفيراً له على وجه الأرض ، لهداية البشر إلى

____________________

(١) إثبات الهداة ج ١ / ٨٠ .

(٢) سورة الأحقاف الآية : ٩ .