|
لا داعي لنا أصلاً لأن نكون أتقياء ، وإن اختيار الفضيلة سينحصر في علاقتها بالنفع واللذة الفرديين فقط . . . » (١) . |
هذا الأُسلوب من التفكير بعد خطأ فظيعاً من المدنية الحديثة ، وهو أعدى أعداء الإِنسانية وقيمها ومثلها الرفيعة . . . وعلى أثر اللامبالاة تجاه الإِيمان والفضائل المعنوية ، فإن عالم الغرب تنتشر فيه الجرائم يوماً فيوماً والشبان ينجرفون إلى هوة سحيقة من التردي والتحلل والفساد وإن الإِحصائيات السنوية في الدول الأوروبية والأمريكية لتدل على ازدياد السرقة والخيانة ، والإِغتيال والإِنتحار إلى غير ذلك من أنواع الجرائم . وإن من المؤسف أن لا تكون بلادنا معدومة النصيب في هذه المشاكل والجرائم . وهنا يستطيع كل فرد أن يدرك أن المجتمع الذي يتمثل الهدف الأسمى من حياة أفراده في اللذائذ المادية ولا تزيد الفضائل فيه على أنها تعتبر في عداد الأوهام والخيالات ، فإن الفساد والتفسخ يسرعان كالسيل الجارف إلى غزو أُولئك الأفراد ويهددان حياتهم المادية والمعنوية بالفناء والدمار .
إن الإِسلام يبني أساس لسعادة البشرية على مبدأ الواقع أو الفطرة . . . إنه ينظر إلى الإِنسان بنظرة السماء الدقيقة ويؤسس سعادته على فطرته الواقعية وجبلته التي جُبل عليها . . . إنه ينظر إلى اللإِنسان من جميع جوانبه المادية والمعنوية ، الروحية والجسدية ، ويحسب لكل جانب حسابه الخاص .
ومن هنا يظهر أن الذين كانوا يبحثون عن السعادة البشرية في الكمالات الروحية ومحق الغرائز الجسدية وكبتها ، وقعوا في خطأ فادح فقد أهملوا حق نصف من وجود الإِنسان .
وكذلك الذين يرون اليوم إنحصار سعادة البشر في تقويم الإِقتصاد أو اللذة والشهوة وإهمال الجانب المعنوي فيه . فانهم خاطئون جداً .
____________________
(١) راه ورسم زندكي للدكتور الكسيس كارل ترجمة پرويز دبيري ص ٧٩ .