وثانيها : استصحاب حكم العموم إلى ورود مخصص ، وحكم النص إلى ورود ناسخ ، وهو إنما يتم بعد استقصاء البحث عن المخصص والناسخ.
وثالثها : استصحاب حكم ثبت شرعا ، كالملك عند وجود سببه ، وشغل الذّمّة عند إتلاف مال (١) أو التزام إلى أن يثبت رافعه.
ورابعها : استصحاب حكم الإجماع في موضع النزاع ، كما نقول : الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء ، للإجماع على أنه متطهر قبل هذا الخارج ، فيستصحب ، إذ الأصل في كل متحقق دوامه حتى يثبت معارض ، والأصل عدمه. وكما نقول في المتيمم : إذا وجد الماء في أثناء الصلاة لا ينقض تيممه ، للإجماع على صحة صلاته قبل وجوده فيستصحب حتى يثبت دليل يخرجه عن التمسك به.
ومن فروعها : طهارة الماء لو شك في نجاسته ، ونجاسته لو وقعت فيه نجاسة وشك في بلوغه الكرية ، لأن الأصل عدم بلوغها. وقيل (٢) : هو من باب تعارض الأصلين ، لأن الأصل طهارة الماء ، والشك في تأثره بالنجاسة.
ويضعف : بأن ملاقاة النجاسة المعلوم رفع حكم الأصل السابق فيحتاج إلى المانع.
أما لو كان كرا فوجده متغيرا وشك في تغيره بالنجاسة ، أو بالأجون (٣) فالبناء على الطهارة ، لأنها الأصل الّذي لا يعارضه أصل آخر.
__________________
(١) زيادة من (ح).
(٢) انظر : النوويّ ـ المجموع شرح المهذب : ١ ـ ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٣) الأجون ، مصدر أجن الماء يأجن : إذا تغير طعمه ولونه لفساده. انظر : ابن منظور ـ لسان العرب : ١٣ ـ ٨ ، حرف النون ، فصل الألف ، مادة (أجن).