فشهد آخران أنه كان في تلك الحالة ساكن الأعضاء جميعها ، أو أنه لم يكن عند المقتول في تلك الساعة. وصوره كثيرة ، والشهادة إن لم تكن أبلغ من اليمين فلا أقل من المساواة.
وجوابه : إذا قدر أن النفي محصور يمكن العلم به ، التزمنا بحلف النافي لفعل غيره على البت أيضا.
وهنا مسائل :
الأولى : لو ادعى عليه جناية بهيمة وأنكر ، حلف على البت ، لأن البهيمة لا ذمة لها ، وضمان المالك لها ليس المجرد فعلها ، بل لتقصيره في حفظها ، وهو من أفعال نفسه.
الثانية : لو أنكر جناية عبده ، قيل (١) : يحلف على نفي العلم ، جريا على القاعدة. وربما بني هذا على أن جناية العبد هل تتعلق بمحض الرقبة ، أو بها وبالذمة جميعا ، بمعنى أنه يتبع بها بعد العتق؟ فعلى الأول يحلف المولى على البت ، كالبهيمة ، لأنه يخاصم عن نفسه.
وعلى الثاني ، وهو ظاهر الأصحاب (٢) ، يحلف على نفي العلم ، لأن للعبد ذمة تتعلق بها الحقوق ، والرقبة كالمرتهنة بها.
الثالثة : لو ادعى عليه موت مورثه ، سمعت في موضع السماع ، فلو أنكر ، حلف على نفي العلم إن ادعاه عليه ، كما يحلف على نفي غصبه وإتلافه. ويحتمل الحلف على البت ، لكثرة اطلاع الوارث على ذلك. ويحتمل الفرق بين حضوره وغيبته عند الموت المدعى به.
__________________
(١) انظر : العلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ٢ ـ ١٩٢ ، والغزالي ـ الوجيز : ٢ ـ ١٥٩.
(٢) انظر : المحقق الحلي ـ شرائع الإسلام : ٤ ـ ٢٠٦ ، والعلامة الحلي ـ تحرير الأحكام : ٢ ـ ٢٤٦.