وكان بعض هؤلاء العلماء يتولون قضاء مكة وشؤون الفتوى فيها ، كما تولى بعضهم وظيفة المحتسب وهي الاشراف على امور السوق والشؤون العامة وكان المماليك يؤيدون ولاية القاضي في بعض الفترات أو يندبون من مصر من يتولى القضاء وكان الأشراف يعزلون أو يؤيدون القضاة (١)
وعني السلطان قايتباي ـ من ملوك الشراكسة ـ بشؤون التعليم في مكة فأمر في عام ٨٨٢ وكيله التجاري في مكة بالبحث عن منطقة تشرف على المسجد وأن يبني باسمه فيها مدرسة لتدريس المذاهب الأربعة ورباطا لسكنى الفقراء يحوى ٧٢ خلوة للأيتام ويشيد مكتبا للايتام يأوي ٤٠ طالبا وأن يخصص للفقراء واليتامى ما يكفيهم من القمح فاستبدل الوكيل بعض الاربطة بين باب السلام وباب النبي واشترى دارا للشريفة شمسية من بني حسن ثم بنى هناك مدرسة قايتباي المعروفة واتخذ لها منفذا الى المسجد سمي باب قايتباي كما بني فوقها منارة سميت باسمه ثم نظم الدراسة فيها وخصص المرتبات للمدرسين ووقف على ذلك عدة دور في مكة وبعض القرى والضياع في مصر لتنفق غلاتها على المدرسة وكانت تغل في كل عام نحو ألفي دينار ذهبا وكانت غلات الضياع الموقوفة تحمل الى مكة سنويا الى عهد قطب الدين الحنفي في القرن العاشر (٢).
ويظن الشيخ باسلامه في كتابه «عمارة المسجد الحرام» أن بعض ملوك مصر المتأخرين استولوا على تلك الاوقاف وادخلوها في ايراد الدولة (٣).
وأسس قايتباي خزانة للكتب تحوي كثيرا من المؤلفات ، ويذكر الشيخ قطب الدين ان هذه الخزانة عبثت بها ايدي المستعيرين بمرور الأيام ، وأنه تولى في عهده
__________________
(١) منائح الكرم للسنجارى «مخطوط»
(٢) الاعلام للقطبي على هامش كتاب خلاصة الكلام ١٥٣
(٣) عمارة المسجد ٧٧