من غزلهنّ (١) من الجمعة إلى الجمعة ، وفى آخرها تأخذ العجوز الغزل وتمضى به إلى السوق وتبيعه ، وتشترى منه (٢) كتّانا ، وممّا فضل تشترى ما يتقوّتن (٣) به من الجمعة إلى مثلها .. فأخذت العجوز الغزل فى خرقة حمراء وذهبت به إلى السّوق على عادتها ، فبينما هى فى أثناء الطريق إذا بطائر انقضّ على الخرقة الحمراء التى فيها الغزل واختطفها من العجوز ، فسقطت العجوز إلى الأرض مغشيا عليها (٤) ، فلما أفاقت قالت : كيف أصنع بأيتام ضعفاء قد أجهدهم الجوع والفقر (٥)؟! وشكت ، فاجتمع عليها الناس وسألوها عن خبرها ، فأخبرتهم بالقصة ، وكانت قريبة من منزل السيدة نفيسة فدلّها الناس (٦) عليها وقالوا لها : امضى إليها واسأليها الدعاء ، فإن الله يزيل عنك ما تجدينه من الهمّ .. فلما جاءت إلى السيدة [نفيسة](٧) أخبرتها بما جرى لها مع الطير ، وبكت ، وسألتها الدعاء ، فرحمتها السيدة [نفيسة] رضى الله عنها ، ورفعت رأسها إلى السماء وقالت : اللهمّ يا من علا (٨) فاقتدر ، وملك فقهر ، اجبر (٩) من أمتك هذه ما انكسر ، فإنها هى وأطفالها عيالك .. ثم قالت : اقعدى على الباب ، فإن الله على كل شىء قدير .. فقعدت المرأة عند الباب وفى قلبها لهيب النار على الأطفال ، فما كان إلّا أن جلست ساعة يسيرة ، وإذا بجماعة
__________________
(١) فى «م» : «يتقوّتون من غزلهم ، وكانوا يغزلون» خطأ فى الصياغة اللغوية ، والصواب ما أثبتناه عن «تحفة الأحباب».
(٢) أى : من ثمنه.
(٣) فى «م» : «ما يقتاتون» خطأ.
(٤) فى «م» : «غما عليها» تصحيف. والعبارة هنا للسخاوى.
(٥) فى «م» : «الجوع والقل» .. ومعنى القلّ : الشيء القليل.
(٦) فى «م» : «فدلّوها الناس».
(٧) ما بين المعقوفتين من عندنا ـ فى الموضعين.
(٨) فى «م» : «على» لا تصح بهذا الرسم الإملائى.
(٩) أى : أصلح.