ثم تأتى إلى حومة فيها قبر يعرف بالقاضى بكّار (١) ، تدخل وأنت مستقبل القبلة تجد قبرا تحت رجليه وقبرا (٢) عند رأسه ، فالذى عند رأسه يقال لهم أصحاب قضبان الذهب (٣) وهم ثلاثة : إبراهيم ، وهو أكبرهم ، وعبيد الله ، ومحمد .. قيل : إن إبراهيم رئى فى المنام وهو يقول : من زارنا فكأنما تصدّق بقضبان الذهب ، وكانت فى يده ..
والذي عند رجليه يقال له قبر أبى العباس أحمد بن المشجرة (٤) كان من أحسن الناس قراءة ، وكان من قرّاء الأفضل بن أمير الجيوش (٥) ، وكان ذات يوم عند قبر الشيخ أبى الحسن الدينورى يزوره ، فاختاره أحد الفقراء (٦) أن يقرأ له آية من كتاب الله تعالى ، فامتنع ولم يقرأ ، فمنع القراءة .. فلما حضر مجلس الأفضل بن أمير الجيوش طلب منه القراءة ، فلم يستطع ، فقال له الأفضل : ما يمنعك من القراءة؟ فقال له : لن أستطيع. فأمر أن يأخذ (٧) له من خزانة الشراب ما يصلح موضع القرآن .. فقصّ عليه قصّته (٨) مع الفقير ، فقال :
__________________
(١) سيأتى ذكره بالتفصيل بعد قليل.
(٢) فى «ص» : «عند رجليه». وجاءت كلمة «قبر» مرفوعة فى «م» و «ص» خطأ ، والصواب بالنصب.
(٣) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فالقبر الذي عند رأسه يقال له : قبر صاحب قضبان الذهب ، قيل إنه رئى فى المنام ...» الخ.
(٤) فى «م» : «يقال له أبو العباس أحمد بن الشجرة» والأخيرة تحريف. والتصويب من «ص» والكواكب السيارة.
(٥) سقط «ابن» من «ص». وهو : الأفضل شاهنشاه أحمد بن بدر الجمالى ، خلف أباه فى إمارة الجيوش المصرية ، وكان جيد السياسة ، وطّد دعائم الحكم للآمر بأحكام الله العبيدى صاحب مصر ، ودبّر شئون دولته. نقم عليه الآمر أمرا فدسّ له من قتله على مقربة من داره فى القاهرة سنة ٥١٥ ه. وكانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة.
[انظر الأعلام ج ١ ص ١٠٣ ، ووفيات الأعيان ج ٢ ص ٤٤٨ ـ ٤٥١].
(٦) هذه الجملة فيها اضطراب فى «م». وفى الكواكب السيارة ص ٤٨ : «... فرأى فقيرا فسأله أن يقرأ شيئا من كتاب الله ..» وفى «ص» : «فاقتضى عليه بعض الفقهاء أن يقرأ آية ..».
(٧) فى «ص» : «يؤخذ».
(٨) فى «م» : «فقصّ له القصة».