وقال (١) بعض أصحاب التواريخ فى ترجمة القاضى «بكّار» : إنه رأى النّبىّ صلّى الله عليه وسلم وبين يديه طبق فيه تمر ، فقال له : أطعمنى يا رسول الله ، فناوله ثنتين ، ثم استزاده (٢) ، فأعطاه ثنتين ، فاستزاده ، فأعطاه واحدة ، فاستيقظ من نومه وهو يجد حلاوة التمر فى فمه ، ووجد النوى فى يده ، ثم إنه أتى إلى السيدة زكية ابنة الخير بن نعيم الحضرمّى ، فإذا هى جالسة وبين يديها طبق فيه تمر على صورة الطبق الذي رآه بحضرة النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، فقال لها : أطعمينى ، فناولته ثنتين ، ثم استزادها ، فأعطته ثنتين ، فاستزادها ، فأعطته واحدة ، فطلب منها الزيادة ، فقالت له : لو زادك رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئا مناما زدناك يقظة ، ولو زادك ليلا زدناك نهارا (٣)!
وسجن أحمد بن طولون القاضى «بكّارا» (٤) مدة طويلة ، يقال : إنه سجنه بضعة عام (٥) لسبب ، وهو أن «الموفق» الخليفة (٦) لما حكم فى خزائن
__________________
(١) من هنا إلى قوله «نهارا» عن «م» وساقط من «ص».
(٢) أى : طلب المزيد.
(٣) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».
(٤) فى «م» و «ص» : «بكار» ، لا تصح لغة.
(٥) فى «م» : «بضعة عاما» خطأ. ولم ترد هذه العبارة فى «ص». بل جاء فيها : «وسجن ابن طولون القاضى «بكار» وسبب سجنه أن ابن طولون كان عزم على خلع الموفق ، وتوقّف بكار عن الخلع ولم يطاوعه على ما قصد ، فحبسه لأجل ذلك عدة سنين» والجملة الأخيرة منقولة عن وفيات الأعيان ففيه أنه حبسه مدة سنين. وفى كتاب الولاة والقضاة للكندى : كان سجنه فى جمادى الآخرة سنة سبعين [ومائتين] فأقام فى السجن إلى أن عرضت لأحمد بن طولون علّته التى توفى فيها. وتوفى بعده بكار بأربعين يوما ، وكانت وفاته فى ذى الحجة سنة ٢٧٠ ه. وعلى هذا يكون ما قضاه فى السجن ستة أشهر تقريبا على هذه الرواية. والله أعلم.
[انظر الولاة والقضاة ص ٤٧٧ ـ ٤٧٩ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٤٢٧].
(٦) هو : أبو أحمد طلحة (الموفق بالله) بن جعفر (المتوكل على الله) بن المعتصم العباسى ، أمير ، من رجال السياسة والإدارة والحزم ، لم يل الخلافة اسما ، ولكنه تولّاها فعلا ، وابتدأت حياته العملية بتولى أخيه «المعتمد على الله» الخلافة سنة ٢٥٦ ه ، وآلت إليه ولاية العهد ، وظهر ضعف «المعتمد» عن القيام بأعباء الدولة ، فنهض بها الموفق ، وصدّ عنه غارات الطامعين بالملك ، ثم حجر عليه بعد أن انهمك المعتمد فى اللهو واللذات وانشغل عن الرعية ، وبعد أن عزم على الرحيل إلى