ومن شعره المنسوب إليه فى طول اللّيل (١) :
كأنّ نجوم اللّيل سارت نهارها |
|
فوافت عشاء وهى أنضاء أسفار (٢) |
وقد خيّمت كى يستريح ركابها |
|
فلا فلك جارى ولا كوكب سارى (٣) |
ومن شعره أيضا ـ عفا الله عنه :
بانوا وأبقوا فى الحشاء لهيبهم |
|
وجدا إذا ظعن الخليل أقاما (٤) |
لله أيّام السّرور كأنّها |
|
كانت لسرعة مرّها أحلاما |
يا عيشنا المفقود خذ من عمرنا |
|
علما وردّ من الصّبا أيّاما |
وكلامه كثير .. وتصدق بجميع مال أبيه المذكور آنفا ولم يترك منه شيئا ، وافتقر حتى صار على أكلة فى اليوم. ثم إنّ أحمد بن طولون علم بحاله ، فأعطاه قرية بمصر ، فكان يحمل إليه خراجها.
وكان من شأنه ـ رضى الله عنه ـ أن يشفع للناس ويمشى فى حوائجهم ، كثير الرأفة والحلم ، قال ابن زولاق : لم ير فى الأشراف الذين نزلوا إلى الديار المصرية (٥) من الحجاز وغيره من البلاد أكثر شفقة وسعيا فى حاجات الناس من أحمد بن طباطبا.
__________________
(١) فى «م» وصف هذا الشعر المنسوب إليه بالغرابة فقال : «وهو معنى غريب ...».
(٢) فى «م» : «نجوم السماء» ولا يستقيم الوزن بهذا ، وما أثبتناه عن الوفيات ج ١ ص ١٣٠. ووافت : أتت ، وأدركت. والأنضاء : جمع نضو ، ويطلق على البعير المهزول.
(٣) خيّمت القوم : نصبوا خياما ، أو أقاموا فيها. وخيّم الليل : غشّى : (على التشبيه). والبيتان من الطويل.
(٤) الحشاء : الحشا ، ويطلق على ما دون الحجاب الحاجز مما يلى البطن كله من الكبد والطحال والكرش ، وما تبع ذلك. والوجد : الحزن. وظعن : سار وارتحل. والخليل : الصديق الخالص. وفى «م» والوفيات ج ١ ص ١٣٠ : «الخليط» مكان «الخليل» وفيها : «وأبقوا فى حشاى لبينهم» أى لفراقهم.
(٥) فى «م» : «البصرية» تصحيف ، والصواب ما أثبتناه.