قصدت زيارته ، وأخرج إليك ، فافعل بى ما شئت. فدخل الطّحّان إلى قبر الشريف ، فوجد عنده رجلا كرديّا يصلى ، ولم يكن يعرف الطّحّان ربّ المال (١) ، فدعا الله تعالى عند القبر ، وبكى وتضرع وصاح ، وجعل يتلهّف.
فقال له الكردىّ : يا شيخ ، ما قصّتك؟ فقال له : يا سيدى ، علىّ دين والله ما أقدر على وفائه (٢) ، وقد لقيت وكيل صاحب الدّين (٣) على باب التربة ، وما أدرى ما يراد منى ، وما معى شىء ، وإن اعتقلت (٤) هلكت وهلك صغارى ، وشمت بى العدو (٥). فقال له : وكم عليك من الدّين؟ قال : مائتا (٦) دينار ثمن قمح ونزل (٧) السعر ، وللناس أيضا مائة دينار ، لعلّ حاصلى فى الطاحون من عدّة وغيرها ما يساوى مائة دينار. فقال : أبشر واسكت واخرج معى ، فإن الله تعالى قد فرّج عنك.
ثم إنّ الجندى قضى صلاته ودعا طويلا ، ثم زار ، وأخذ بيد الطّحّان وخرج ، وإذا بالوكيل [على باب التربة](٨) قد قام لأستاذه ، فقال له الكردى (٩) : مالك عند هذا؟ فقال : لنا عنده كذا وكذا ، وهو متسحّب.
فقال : اتركها له فى سبيل الله تعالى. ثم التفت الكردىّ إلى الطّحّان وقال له : بقى لك حاجة؟ قال : نعم ، تعيننى (١٠) بشىء من القمح. فقال للوكيل :
__________________
(١) فى «ص» : «ولم يكن يعرف أنه ربّ المال» أى صاحبه.
(٢) فى «ص» : «على الوفاء».
(٣) فى «ص» : «وقد لقيت صاحب الدّين»
(٤) فى «ص» : «وإن اعتقلنى».
(٥) فى «م» : «وشمت بى أعدائى ، وحزن علىّ الصديق ...».
(٦) فى «م» : «مائتى» وفى «ص» : «مائتين». وكلاهما خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٧) فى «م» : «وترك» مكان «ونزل».
(٨) ما بين المعقوفتين عن «ص».
(٩) فى «م» : «الأمير».
(١٠) فى «م» : «قال : يعيننى».