فحضروا وقالوا : قد أمر السلطان بطلوعك إلى القاهرة بعنف ، ولكن لا بأس عليك. فقال لهم : اطلعوا بى من القرافة لئلّا يقوم (١) العوام عليكم. فطلعوا به منها ، فزار الصّالحين ، وزار من جملتهم أبا بكر القمنى ، وتحسّب (٢) ، وجاء إلى قبر والده وقال : يا أبت ، جلست فى جامع مصر ونصرت السّنّة ، فرفع أمرى (٣) إلى أمير الجيوش ، فأمر بحضورى ، وما أدرى ما يراد بى. ثم بكى ودعا وتوسّل ، ثم سار معهم إلى أن وقف بين يدى أمير الجيوش ، فسلّم عليه (٤) ، فردّ عليه [السلام] وأكرمه ، وقال له : يا سيدى ، يا أبا الفضل (٥) ، لا ترجع تعظ فى الجامع ، اجلس فى الزيادة. فقال له من كان حاضرا : يا أمير الجيوش (٦) ، إنّا رأيناك على حالة من أمر الجوهرىّ ، فلما حضر بين يديك زالت تلك الحالة بغيرها. فقال : إنى رأيت فى الهواء إنسانا يقول لى : إذا آذيت (٧) ولىّ الله قتلناك. قال : فترك سيدى أبو الفضل الجلوس فى الجامع وجلس فى الزيادة (٨) ، وقال : حفظ الله السلطان ، نقلنا إلى الزيادة من النقصان.
ووعظ وزاد أمره ، وصار يتكلم وينصر السّنّة ، وينكر على من خالفه ، فأخبر الخليفة به وبما ينكر على من يخالف مذهب السّنّة ، فاستحضره الخليفة ، فلما حضر وجده جالسا على سرير فى القصر ، فلما رآه أكرمه وقرّبه وقال : يا شيخ أبو الفضل (٩) ، أريد أن تعمل فى وقتك بيتين من الشعر ، فقال له :
__________________
(١) فى «م» : «تقوم».
(٢) تحسّب : قال : حسبى الله ونعم الوكيل.
(٣) فى «ص» : «فرفعت نمضى ..».
(٤) فى «ص» : «عليهم». وما بين المعقوفتين ـ بعده ـ عن «م».
(٥) فى «ص» : «يا شيخ أبو الفضل».
(٦) فى «م» : «من كان حاضر (بالرفع) عند أمير الجيوش ..» والصواب ما أثبتناه.
(٧) فى «ص» : «إن آذيت».
(٨) فى «ص» : «فنزل ابن الجوهرى وجلس فى الزيارة».
(٩) فى «م» : «يا سيدى ، يا أبا الفضل».