وانتبهت وفتحت عينى وإذا أنا بقنبرة عمياء سقطت من شجرة على الأرض ، فانشقّت الأرض فخرج منها سكرّجتان (١) : واحدة من ذهب ، والأخرى من فضة ، فى إحداهما سمسم ، وفى الأخرى ماء ورد ، فأكلت من هذه ، وشربت من هذه ، فقلت : حسبى (٢) فتبت ولزمت الباب».
وروى أبو موسى الجيزى ، قال : «رأيت ذا النون ، وقد تقاتل اثنان ، أحدهما (٣) من أولياء السلطان [والآخر من الرّعيّة] فعدا (٤) الذي من الرعيّة عليه فكسر سنّته (٥) فتعلّق الجندىّ بالرجل وقال : بينى وبينك الأمير.
فمضوا ، وجازوا فى طريقهم على ذى النون ، فقال لهما : ما قصتكما؟
فقصّا (٦) عليه القصة ، فأخذ السّنّ ثمّ بلّها بريقه وردّها إلى فم الرجل الذي كانت فيه ، وحرّك شفته فتعلّقت السّنّ بإذن الله تعالى ، وثبتت فى مكانها ، فبقى الرجل يفتش فاه فلم يجد فيه شيئا من النقص» (٧).
وحكى أبو جعفر قال : «كنت عند ذى النون فتذاكرنا طاعة الأشياء للأولياء ، فقال ذو النون : من الطاعة أن أقول لهذا السرير الذي أنا جالس عليه : در فى زوايا البيت الأربع وعد إلى مكانك (٨) [قال : فدار السرير فى أربع زوايا البيت وعاد إلى مكانه]. وكان هناك شابّ فأخذ يبكى ، ومات للوقت».
__________________
(١) السّكرّجة : إناء صغير يؤكل فيه القليل من الأدم.
(٢) أى : يكفينى ما رأيت.
(٣) فى «م» : «إحداهما» لا تصح.
(٤) ما بين المعقوفتين عن «ص». وعدا : اعتدى.
(٥) فى «ص» : «ثنيته» وهى : إحدى الأسنان الأربع التى فى مقدم الفم ، ثنتان من فوق ، وثنتان من تحت.
(٦) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «وجازوا على ذى النون فقال لهم : ما قصتكم؟ فقصوا ...».
(٧) فى «ص» : «فلم يجد الأسنان إلّا سواء».
(٨) فى «ص» : «أن أقول لهذا السرير يدور فى أربع زوايا فى البيت ثم يرجع إلى مكانه». وما بين المعقوفتين بعدها عن «م» وساقط من «ص».