وروى عن أبى الخير ـ رحمة الله عليه ـ أنه دخل عليه جماعة من أهل بغداد (١) فأكثروا عنده الكلام ، فضاق صدره من كثرة كلامهم وحديثهم فى الدعاوى ، فخرج عنهم ، فجاء السّبع فدخل البيت عليهم ، فانضمّ بعضهم إلى بعض وسكتوا ، وتغيرت ألوانهم ، فدخل عليهم أبو الخير وقال : يا ساداتى ، أين تلك الدعاوى؟ وطرده عنهم.
وقال أبو الحسين : زرت أبا الخير التيناتى ، فلمّا ودّعته خرج معى إلى باب المسجد وقال : يا أبا الحسين ، أنا أعلم أنك لا تحمل معك معلوما ، ولكن خذ (٢) هاتين التّفّاحتين ، فأخذتهما ووضعتهما فى جيبى وسرت ، فلم يفتح لى بشىء (٣) ثلاثة أيام ، فأخرجت واحدة فأكلتها ، ثم أردت أن أخرج الثانية فإذا بهما جميعا فى جيبى ، وكنت آكل منهما ويعودان كذلك إلى [أن وصلت](٤) إلى باب الموصل ، فقلت فى نفسى : إنهما يفسدان علىّ حالى وتوكّلى على الله تعالى ، إذا (٥) صارتا معلوما ، فأخرجتهما من جيبى ، ونظرت فإذا فقير ملفوف فى عباءة وهو يقول : أشتهى تفاحة! فناولته إيّاها ، فلمّا بعدت عنه وقع لى أنّ الشيخ إنما بعث بهما إليه ، فطلبت الفقير فلم أجده.
وقال (٦) جمرة بن عبد الله العلوى : دخلت على أبى الخير ، وكنت عقدت (٧) فى نفسى أن أسلم عليه وأخرج ولا آكل عنده شيئا ، فلما خرجت من عنده إذا به خلفى يحمل طبقا عليه طعام وقال : يا فتى ، كل هذا ، فقد خرجت الآن من عقدك.
__________________
(١) فى «م» : «دخل على جماعة من بغداد».
(٢) قوله : «ولكن خذ» عن «ص».
(٣) فى «م» : «فسرت فلم يفتح بشىء».
(٤) ما بين المعقوفتين عن «م».
(٥) فى «ص» : «إذ».
(٦) فى «م» : «قالى لى».
(٧) فى «ص» : «اعتقدت».