وقام واحد من الجماعة فقال : يا سيدى ، ما كان سبب قطع يدك؟ فقال : يد جنت فقطعت. فقالوا : سمعنا هذا منك مرارا (١) كثيرة ، أخبرنا كيف كان السبب. فقال : أنتم تعلمون أنّى رجل من أهل المغرب (٢) ، فوقعت فى قلبى مطالبة السّفر (٣) ، فسرت حتى بلغت الإسكندرية ، فأقمت بها اثنتى عشرة سنة (٤) ، وكان فى الناس خير. ثم سرت منها إلى أن صرت بين شطا (٥) ودمياط ، لازرع ولا ضرع ، فأقمت اثنتى عشرة سنة (٦) ، وكان فى الناس خير ، وكان يخرج من مصر خلق كثير يرابطون بدمياط ، وكنت قد بنيت كوخا على شاطىء البحر ، وكنت أجىء من الليل إلى تحت السور ، وإذا أفطر المرابطون ورموا باقى سفرهم (٧) أزاحم الكلاب على اللباب (٨) فآخذ كفايتى ، وكان هذا قوتى (٩) فى الصيف. قالوا : فما كان قوتك فى الشتاء (١٠)؟ قال : كنت بنيت حولى كوخا (١١) من البردى آكل أسفله وأعمل فى الكوخ أعلاه ، فكان هذا قوتى (١٢) إلى أن نوديت فى سرّى : يا أبا الخير ، تزعم أنك لا تشارك الخلق
__________________
(١) فى «م» : «قد سمعنا هذا منك مرار» والصواب : مرارا.
(٢) فى «ص» : «من الغرب» تصحيف.
(٣) فى «م» : «فوقعت فى مطالبة السفر».
(٤) فى «م» : «ثنتى عشر سنة» وفى «ص» : «اثنا عشر سنة» وكلاهما خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٥) شطا : بليدة ـ أو مدينة ـ على ثلاثة أميال من دمياط ، على ضفة البحر. [انظر معجم البلدان ج ٣ ص ٣٤٢ ، و ٣٤٣ مادة شطا].
(٦) فى «م» و «ص» : «اثنا عشر سنة» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٧) فى «م» : «ورموا سفرهم». والسّفر : جمع سفرة ، وهو الطعام يصنع للمسافر ، أو ما يحمل فيه هذا الطعام.
(٨) اللّباب : خالص كلّ شىء.
(٩) فى «م» : «وقتى» تحريف.
(١٠) فى «م» : «قالوا : ففى الشتاء؟».
(١١) فى الكواكب السيارة : «كان ينبت حول كوخى».
(١٢) فى «م» : «وقتى» تحريف.