وأيتاما يبكون ، فقالوا لى : بالله عليك أنظرنا (١) إلى اللّيل حتى ننظر خربة (٢) نذهب إليها. قال : فتركتهم وجئت إلى الليث فأخبرته بالخبر ، فبكى وقال : عد إليهم وقل لهم : الدّار لكم ، ولكم ما يقوم بحالكم من أدم (٣) وكسوة فى كل يوم.
وقيل : وقف الشافعى على قبره فقال : لله درّك من إمام! حزت أربع خصال لم يحزهنّ عالم : العلم ، والعمل ، والزّهد ، والكرم.
وقال عبد الله بن صالح ـ كاتبه : صحبت الليث عشرين سنة لا يتغدّى (٤) ولا يتعشّى إلّا مع الناس ، وكان لا يأكل إلّا لحما ، ويقول : إنه يزيد فى العقل ، إلى أن مات.
وخرج الليث راكبا ، فقوّمت ثيابه ودابّته وخاتمه وما عليه بثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفا. وكان يتصدّق كلّ يوم على ثلاثمائة مسكين.
وقال ابن صالح أيضا : كان الليث إذا غشى أهله [قال](٥) : اللهمّ اشدد لى أصله ، وارفع لى صدره ، وسهّل لى مخرجه ومدخله ، وارزقنى لذّته ، وهب لى ذرّيّة صالحة تقاتل فى سبيلك.
وقال أبو سعيد : كان الليث يصلى عندنا فى المسجد ، فلا يسأله أحد من أهل المسجد شيئا إلّا أعطاه إيّاه.
وقال ابن زولاق : أصيب اللّيث بأذى كثير بمصر ، فصبر عليه (٦).
__________________
(١) أنظرنا : أخرنا وأمهلنا.
(٢) الخربة : موضع الخراب.
(٣) الأدم والإدام : ما يستمرأ به الخبز.
(٤) فى «م» : «لا يتغذى».
(٥) غشى أهله : أتى أهله ، أو باشر أهله ، وفى «م» : «عشى» لا تصح. وما بين المعقوفتين من عندنا لاستقامة السياق.
(٦) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص» والمشار إليه فى ص ٤١٠ ، الهامش رقم (٨).