كأنّ كلّ واحد من الناس صاحب الجنازة (١). فقال : يا بنىّ ، كان عالما كريما ، عزيز العقل (٢) ، حسن الفعل ، كثير الأفضال ، لا يرى مثله أبدا.
ولمّا دفن سمع الناس قائلا يقول :
قد مضى الليث فلا ليث لكم |
|
ومضى العلم جميعا وقبر (٣) |
ولد الليث بن سعد رضى الله عنه فى سنة ٩٤ ه ، ومات فى ليلة الجمعة منتصف شهر رمضان المكرم فى سنة ١٧٥ ه.
ويحكى أنّ امرأة جاءت بإناء صغير تطلب فيه من عسل النحل (٤) ، فأمر أن يدفع لها زقّا مملوءا (٥) ، فقيل له فى ذلك ، فقال : طلبت على قدرها ودفعنا لها على قدرنا.
وقيل : إنّ غلّة ضياعه وأملاكه بمصر كانت فى كل سنة ثمانين ألف دينار ، وما وجبت عليه زكاة قط (٦).
انظر (٧) إلى ما قال بعضهم فى معنى ذلك شعرا :
ولو نلت الّذى يبغيه قلبى |
|
لوسّعت المعاش على العباد |
وما وجبت علىّ زكاة يوم |
|
فهل تجب الزّكاة على جواد؟ |
__________________
(١) فى «م» : «فقلت لأبى : هذا كأنّ منهم صاحب الجنازة».
(٢) فى «ص» : «حسن العقل».
(٣) من قوله : «ولمّا دفن» إلى هنا عن «م» وساقط من «ص». والشطرة الثانية من البيت فى حسن المحاضرة ج ١ ص ٣٠٢ : «ومضى العلم غريبا وقبر».
(٤) فى «ص» : «جاءته ومعها سكرّجة فطلبت عسل نحل».
(٥) فى «ص» : «مملوءا عسلا».
(٦) فى «ص» : «ولم تجب عليه فيها زكاة». وذلك لأن الحول كان لا ينقضى عنه حتى ينفقها ويتصدّق بها.
(٧) من هنا إلى قوله : «بدينارين» عن «م» وساقط من «ص».