قال : وكان من دعاء ابن القاسم : «اللهمّ امنعنى من الدنيا وامنعها منى ما منعت به عبادك الصالحين».
وقال أسد : قال لى ابن القاسم : كنت أختم كل يوم وليلة ختمتين ، فلما جئتنى نزلت لك عن ختمة رغبة منى فى إحياء العلم.
قال بعض أصحاب ابن القاسم : صليت معه صلاة عيد الفطر والأضحى ، ثم دخل المسجد ودخلت معه ، فصلى ثم سجد فأطال السجود حتى خفت فوت الغداء مع أهلى ، فدنوت منه ، فسمعته يقول : «إلهى ، انقلب عيدك إلى ما أعدّوه له لهذا اليوم ، وانقلب عبد الرّحمن إليك يرجو أن تغفر له فى هذا اليوم العظيم ، فإن كنت فعلت فبخ بخ (١) ، وإن لم تفعل فيا خجلته ، ويا معصيته ، ويا حسرته!». قال الرجل : فمضيت إلى أهلى فتغديت معهم ونمت هنيهة وجئت إلى المسجد فوجدت ابن القاسم على هيئته كما تركته.
وقال يحيى بن عمر : خرج ابن القاسم فى بعض صحارى مصر ، فعطش ؛ وكان قد خرج أمير مصر متنزها بتلك الصحارى ، فبينما هو سائر إذ وقفت دوابّه وجماله ولم تنطلق ، فضربت فلم تنهض. فقال لإخوانه وخدمه : انظروا ما الذي أوجب ذلك؟ فما حبسنا إلّا الله سبحانه.
فنظروا إلى شخص يلوّح ، فإذا هو ابن القاسم ، فجاء إليهم ، فسألوه عن خبره ، فأخبرهم بالعطش ، فجاءوا له بالماء ، فشرب إلى أن روى ، فسارت دوابّهم ، فعلموا أنّ تلك الوقعة كانت بسببه.
وقال الحارث ـ يعنى ابن مسكين : قال سحنون : رأيت ابن القاسم فى النوم فقلت : ما فعل الله بك؟ قال : وجدت عنده ما أحببت.
__________________
(١) بخ : كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء ، أو المدح ، أو الفخر ، وكثيرا ما تستعمل مكررة.