وكان ابن القاسم فى الزهد شيئا عجيبا. وتوفى سنة إحدى وتسعين ومائة.
ويقال : إنه دفن بالقرب من قبر أبى الحسن الدّينورىّ من جهة الباب البحرى على يسار الدّاخل فى تربة هناك ، والصحيح أنه بهذه المقبرة (١).
قال سحنون : لو لم يكن من أصحاب مالك إلّا ابن القاسم لكفاه.
وكان سحنون من خواص أصحابه. وهو سحنون أبو سعيد عبد السلام ابن سعيد التنوخى ، يكنى أبا سعيد ، وكان عالم القيروان فى مذهب الإمام مالك ، خبيرا بالمذهب ، عالما بالآثار ، وألّف كتابه المشهور جمع فيه العلم والفقه ، وهو المسمى بالمدوّنة ، وكتاب السير ، وهو عشرون مجلدا ، وكتاب التاريخ ، وهو فى ستة أجزاء ، وكتاب الرّدّ على الشافعى وأهل العراق ، وكتاب الزهد والأمانة. وله تصانيف كثيرة. ولد ـ رضى الله عنه ـ سنة ستين ومائة ، وتوفى سنة اثنتين (٢) وأربعين ومائتين [وقيل](٣) : توفى فى شهر رجب سنة أربعين ومائتين. وكان من أصحاب مالك ، نزل مصر وأقام بها ، ومات بالمغرب ، وكان زاهدا ورعا. وكان يقول : العلم حجة الله على عباده ، والعلماء مع الأنبياء ، وخير الناس علماؤهم.
وقال عبد الوهاب : ركبت مع سحنون البحر المالح فهاج علينا ريح ، فخفت ، فنمت من شدة خوفى ، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال لى : أتخاف ـ أو يخاف أهل السفينة وفيهم سحنون؟ فاستيقظت فإذا البحر قد سكن ، ووجدت سحنونا يصلى ، فلما انتقل من صلاته قال لى : اسكت ، لا تخبر أحدا من أصحاب السفينة. فقال : فلم أتكلم.
__________________
(١) أى بمقبرة أشهب. [وانظر الكواكب السيارة ص ٤٠].
(٢) فى «م» : «اثنين» لا تصح.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة لاستقامة المعنى والسياق.