الجوهرى جالسا على باب الصّاغة ، فدفعت الخرز إليه (١) ، فأخذه ومضى ، وغاب ساعة ثم عاد إليها وقد جلى حبّة فجابت مائة دينار (٢) ، فجاء إلى الجارية وقال : لمن هذه الحبّات؟ قالت : لا مرأة شريفة من ذرّيّة جعفر الصادق.
فقال لها : قد أصلحت حبّة وناديت عليها ، فساوت (٣) مائة دينار ، فهل تقبضين (٤) فيها ذلك؟ فقالت : أتهزأ بى وبسيدتى وهى شريفة؟ فقال لها : أعوذ بالله. فقالت له : اقبض المال وامض معى إليها.
فأخذ المائة دينار وجاء إلى دارها ، فدخلت الجارية وأخبرت سيدتها ، فخرجت إليه ، فدفع لها المال وأخذ أجرته ، وشاورها فى إصلاح الباقى وبيعه (٥) ، فقالت له : افعل ما تريد ، ثم بكت ، فسمع بكاءها (٦) ، فقال لها : يا سيدتى ، ما الذي أبكاك؟ أكرهت ما كان منى؟ قالت (٧) : لا ، ولكنّى ذكرت مخلوقا أصلح حبّة كانت مجهولة القيمة فبيعت بمائة دينار ، فكيف إذا أصلح الله قلب العبد كيف يكون حاله؟!
ثم توجّه بشرى وأصلح ما بقى من الحبّات ، فطلبت زوجة الخليفة حبّتين ، فتوجّه بهما إلى دار الخليفة فعرضهما عليها (٨) ، فعجبت من حسنهما ، ودفع الخليفة ثمنهما ، وأعطاه لأجلهما بغلة وخلعة ، وولّاه رياسة الجوهريين ، فجاء للشريفة بثمن الحبتين ، وأخبرها الخبر بأمر البغلة والخلعة وولايته ، فقالت له : بارك الله لك فيما رزقك.
__________________
(١) فى «م» : «فدفعتهم له».
(٢) أى : قدّرت لدى المشترين بمائة دينار.
(٣) فى «م» : «فسويت».
(٤) فى «م» : «فهل تقبضى».
(٥) فى «م» : «وبيعهم».
(٦) فى «م» : «بكاؤها» خطأ.
(٧) فى «م» : «قال» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٨) فى «م» : «فأعرض عليهما» تحريف من الناسخ.