عليه جملة ديون ، فجاء إليه أصحاب الديون وطالبوه بدينهم ، فواعدهم يوم السبت ، وكان الطلب له فى يوم الجمعة ، فدخل إلى زوجته وأعلمها أنّ أصحاب الديون طلبوا ما عليه لهم ، فقالت له زوجته : لو كنت إذا جاء إليك رجل فقير يطلب شيئا اختفيت منه ، كان أولى بك ، ولم تحتج إلى الاستدانة ، واسترحت من طلب الناس. فقالت ابنة له صغيرة : بالله يا أبت لا تسمع كلام أمّى ، ومن له الأمر كله يوفّى عنك.
فقعد وفكّر فى الوفاء ، وحان وقت صلاة الجمعة ، فتوضّأ وذهب إلى الجامع لصلاة الجمعة ، فلما ولّى إذا بشخص يطرق الباب ، فقالت ابنته : من هذا؟ فقال : أنا ، افتحى ، ففتحت الباب ، فرمى لها كيسا من داخل الباب ، فوجدت فيه ألف دينار ، ثم قال : قولى للشيخ : اقترض ولا تخف ، فعلى الله الوفاء!
فلما عاد الشيخ من صلاته أخبرته ابنته بذلك ، فأخذ الكيس ، وأوفى ما كان عليه من الدّين ، وفضلت فضلة (١) فتصدق بها. وكان ـ رحمه الله ـ من أهل الخير ، وقد تقدمت حكايته مع ابنة جعفر الصادق.
وحكى عن رجل كان فى جواره ، وكان منصرفا على نفسه ، فلما مات سأل الله تعالى أن يريه إياه فى منامه ، فرآه بعد موته ، فقال له : ما فعل الله بك؟ فقال : لقيت من الأهوال شيئا كثيرا ، وذلك أنى لمّا سئلت فى قبرى تلجلج لسانى فلم أدر ما أقول ، فقلت فى نفسى : ألم أمت على التوحيد؟
فما ذا أتى علىّ؟ فقيل لى : إنّ هذه عقوبة فى حقّك لكثرة معاصيك فى الدنيا ، فلمّا همّ الملكان بعقوبتى حال بينى وبينهم رجل جميل الوجه (٢) ، طيب
__________________
(١) فضلة : بقية.
(٢) فى «م» : «جميلا الوجه» لا تصح.