المدنىّ ، المكنى أبا عمرو ، صاحب الرواية ، كان من أكابر القرّاء (١). والورش جنس من اللبن ، لقّب به لشدة بياضه (٢) ، وكان كاتبا للقاضى أبى الطاهر عبد الحكم بن محمد الأنصارى ، وتوفى سنة ١٩٧ ه.
وحكى (٣) عنه أنّ لصّا جاء إلى بابه فوجده حصينا ، فقال : يحتمل أن يكون فى داخل هذا الباب مال كثير ، فلابد من دخولى فى داخله ، فأراد فتح الباب فلم يقدر ، فاستعان بنجار ودفع له درهما ، ففتح له الباب ، ودخل الدّار ليأخذ ما فيها ، فوجد فيها إبريقا مكسورا وجرّة مكسورة ، ولم يجد قليلا ولا كثيرا ، فقال فى نفسه : جئت أسرق [فسرقونى](٤) ، فبينما هو كذلك إذ جاء ورش فرآه جالسا فى الدار ، فقال له : من أدخلك هنا؟ فقال : أنت نصبت على الناس ببابك الوثيق ، دخلت لآخذ شيئا (٥) واستعنت على فتح الباب بدرهم كان معى ، فلما دخلت لم أجد قليلا ولا كثيرا! فقال له : هل لك فى مصاحبتى؟ قال : نعم. ثم جلس معه ، فجاء تلامذة الشيخ ، فقص عليهم قصته ، فدفعوا له شيئا كثيرا (٦) ، ثم قال له ورش : استغفر الله. فجلس واستغفر الله مائة مرّة ، ولمّا فرغ قال للشيخ : يا سيدى استغفرت الله مائة مرة ، فقال له : هل هى بصدق أو بغيره؟ فقال : بل بصدق يا سيدى ، قال : سوف ترى أثر ذلك ، فاجلس قليلا ، فجلس يتحدث مع الشيخ ، وإذا بالباب يطرق ، فقال : انظر من بالباب. وإذا بالباب غلام الخليفة ، [فسلّم
__________________
المحاكم الأهلية ، وهو يقع على شارعى الفارسى وابن حبيش ، فى اتجاه شارع ابن الجباس المحدود من الجهة البحرية بمدفن موسى باشا غالب. [انظر تحفة الأحباب ص ٣٢٣ حاشية].
(١) فى «ص» : «كان قارىء مصر ، ويعد أحد القرّاء المشهورين».
(٢) فى «ص» : «فلقّب به ، لأنّه كان شديد البياض».
(٣) هذه الحكاية وردت فى «ص» مختصرة. وفيها اختلاف فى بعض ألفاظها ولا يؤثر ذلك فى المعنى ، وما أثبتناه هنا عن «م».
(٤) ما بين المعقوفتين عن التحفة ولم ترد فى «م».
(٥) فى التحفة : «ظننت أن فى بيتك شيئا آخذه».
(٦) فى «ص» : «ودفعوا له شيئا كثيرا ، ومات عند رجليه». وانتهت الحكاية عند هذا الحد. ثم أتى بعدها بترجمة شيبان الراعى.