وقال ابن الفارض سيد شعراء عصره ، وشعره صنع ظريف إلى الغاية العظمى ، أكثر فيه من الجناس ، فقلّ من يحسن قراءته وفهمه ، كقوله (١) :
لو ترى أين خميلات قبا |
|
وتراءين جميلات القبى (٢) |
كنت لا كنت بهم ، صبّا يرى |
|
مرّ ما لاقيته فيهم حلى (٣) |
وسمع بالقاهرة من بهاء الدين بن عساكر قليلا. قال الشيخ شمس الدين ابن خلّكان : أنشدنا غير واحد أنه قال عند موته لما انكشف الغطاء له قال :
إن كان منزلتى فى الحبّ عندكم |
|
ما قد رأيت ، فقد ضيّعت أيّامى |
أمنية وقفت روحى بها زمنا |
|
واليوم أحسبها أضغاث أحلام (٤) |
وكان يقول : عملت (٥) فى النوم بيتين وهما :
وحياة أشواقى إلي |
|
ك وتربة الصّبر الجميل (٦) |
لا أبصرت روحى سوا |
|
ك ، ولا أنست إلى خليل (٧) |
__________________
(١) البيتان من قصيدة طويلة عدد أبياتها ١٥١ بيتا ، وأولها :
سائق الأظعان يطوى البيد طى |
|
منعما ، عرّج على كثبان طى |
[انظر الديوان ص ٤٥ ـ ٦٢ بتحقيق د. عبد الخالق محمود ط دار المعارف]
(٢) خميلات : جمع خميلة ، وهى المنهبط من الأرض مكرمة للنبات ، أو رملة تنبت الشجر الكثيف الملتف ، أو الموضع الكثير الشجر. وقبا : بئر عرفت بها قرية قباء وهى قرية على بعد ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة. وقبى : أصله قباء فصغّر.
(٣) صبّا : مشتاقا.
(٤) فى الديوان : «ظفرت» مكان «وقفت». والبيتان من قصيدة مكونة من ٢٥ بيتا ، أولها :
نشرت فى موكب العشاق أعلامى |
|
وكان قبلى بلى فى الحبّ أعلامى |
[انظر المرجع السابق ص ٢٤٠ و ٢٤١].
(٥) فى «م» : «علمت» مكان «علمت» وما أثبتناه عن الديوان ص ٢٢٣ و ٢٢٤ ، وهذان البيتان مما رواه عنه الشيخ الإمام زكى الدين عبد العظيم المنذرى المحدث بالقاهرة.
(٦) فى الديوان : «وحرمة الصبر الجميل».
(٧) فى الديوان : «ما استحسنت عينى سواك».