وحكى رجل متعبد قال : كنت فى يوم جمعة فى شهر رجب (١) فى جامع ابن طولون ، فإذا ببنان الزاهد فى يده (٢) عصا يحملها ويدور فى الجامع ، فقلت فى نفسى : الدوران (٣) بالعصا فى الجامع عبادة وزهد ، ثم جئت إلى الصّفّ الأول فوقفت أصلى ، وجلست أتلو القرآن ، وجاء «بنان» فجلس (٤) إلى جانبى ، فختمت ختمة ، ثم أذّن المؤذن ، ورقى الإمام المنبر ، فأحرمت (٥) بالصلاة ثم جلست ، فأخذنى النعاس ، [فرأيت](٦) قائلا يقول : مالك والاعتراض [على أولياء الله تعالى]؟ لدوران «بنان» فى المسجد أفضل من ختمتك (٧)! ففتحت عينى برعب ، ثم نزل الإمام ، فأقبلت عليه (٨) لأحدّثه ، فقال : اسكت ، واكتم (٩) ما رأيت!.
وقال (١٠) «بنان» : كنت قاعدا بمكة وبين يدى شابّ ، فجاء إنسان وحمل إليه كيسا فيه دراهم ووضعه بين يديه ، فقال : لا حاجة لى فيه ، فرّقه على المساكين ، ففعل ، فلما كان وقت العشاء رأيته يطلب لنفسه ، فقلت له : لم لم (١١) تترك لنفسك شيئا؟ فقال لى : لا أعلم أنى أعيش إلى هذا الوقت!
__________________
(١) فى «ص» : «وعن رجل كان يتعبد فى رجب فى جامع ابن طولون يوم الجمعة».
(٢) فى «م» : «يدها» تحريف.
(٣) فى «ص» : «الدوران أيضا».
(٤) فى «ص» : «فوقفت ، فجاء وجلس إلى جانبى».
(٥) فى «ص» : «فجلست» مكان «فأحرمت» لا تصح معنى ، وأحرم بالصلاة : دخل فيها.
(٦) ما بين المعقوفتين عن «ص» وساقط من «م» فى الموضعين.
(٧) فى «م» : «لدوران «بنان» فى صحن الجامع خير من قراءتك هذه الختمة».
(٨) فى «ص» : «قال : فأقبلت عليه» أى : على «بنان».
(٩) فى «ص» : «واختم» تحريف.
(١٠) من هنا إلى قوله : «من أطاع الله أطاع له كلّ شىء» عن «م» وساقط من «ص».
(١١) فى «م» : «لم تترك» وسقطت «لم» النافية سهوا من الناسخ.