وقال بعض أصحابه : كنت أراه سائرا فى الشتاء (١) وهو على رءوس الجبال يرفضّ (٢) عرقا.
وقال ممشاد الدّينورىّ : كان أبو الحسن يصعد الجبل الذي هو معدن السّباع (٣) ، ولا يجسر أحد أن يصعد إليه ، فيبقى أربعين يوما ثم يرجع ، فلا يبقى أحد (٤) إلّا ترك البيع والشّراء وخرج ينظر إلى الدّينورىّ (٥) تبرّكا به ، وتعظيما له.
وكان أحد مريديه مارّا فى بعض الأسواق ، فرأى الرّمّان فى أول طلوعه ، فاشتهاه (٦) فاشترى منه شيئا وخبّأه فى ركوته (٧) خوفا من الشيخ أن يراه ، ثم جاء فجلس فى مجلس الشيخ (٨) ، فقال الشيخ ـ رضى الله عنه (٩) : «أدركنا قوما [من أهل الإرادة](١٠) لا يشتهون الملح ، ونرى الآن قوما (١١) يشتهون الرّمّان ويخبّئونه فى الرّكا إذا اشتروه!» (١٢). فسمع المريد ذلك فوقع (١٣) مغشيّا عليه ، ولمّا أفاق أخرج الرّمّان من ركوته ووضعه لمن يأكله ، ونزع الله شهوة الرّمّان من قلبه.
__________________
(١) فى «م» و «ص» : «سائرا الشتاء».
(٢) يرفضّ : يسيل.
(٣) فى «ص» : «الجبل معدن السباع» والمعدن : مكان كل شىء فيه أصله وموطنه. [وانظر الكواكب السيارة ص ٢٨٧].
(٤) «أحد» عن «م».
(٥) فى «ص» : «وهم ينظرون إليه».
(٦) فى «ص» : «اجتاز بالسوق فاشتهى الرّمّان فى أول وقته».
(٧) الركوة : إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
(٨) قوله : «ثم جاء فجلس فى مجلس الشيخ» عن «م» وساقط من «ص».
(٩) فى «ص» : «فلما وعظ الشيخ قال».
(١٠) ما بين المعقوفتين عن «م».
(١١) فى «ص» : «ونرى الآن مريدين».
(١٢) قوله : «إذا اشتروه» عن «م».
(١٣) فى «م» : «فسقط».