وأنزل فى القبر ، فجلس الشيخ على شفير القبر وصاح : «يا أحمد ، اذكر العهد الذي خرجت به من الدّنيا وقدمت به على الله .. يا أحمد ، لا تخف من ملائكة ربّك». فناداه من جوف القبر : يا سيّدى ، فزت ، والله فزت!
وقال بعض أصحابه : كان الشيخ جالسا بمسجد يعرف بمسجد «دعلان» فى يوم الاثنين الثانى عشر من شهر رجب الفرد الحرام سنة ٣٣١ ه ، وكنت جالسا معه ذلك اليوم ، فقال : أحبّ أن أسمع قراءة رجل صالح. فجىء إليه بابن بكلور الأعمى ، فقرأ : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ)(١) فصاح الشيخ وخرّ مغشيّا عليه ، فحمل إلى منزله ، ومات ليلة الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة (٢) خلت من شهر رجب الفرد ، سنة ٣٣١ ه ـ كما ذكر فى أول الترجمة إجمالا ـ فغسّله أبو بكر بن المهلّب ، وصلّى عليه ودفنه ، ونزل فى حفرته ، وسمعه يقول وهو نازل فى لحده : (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)(٣). وكان ابن المهلب يريد أن يبيت الشيخ عنده وهو يأبى ، إلى أن كانت الليلة التى توفّى فيها ، جاء إلى منزله ، وتوفّى عنده (٤).
وحكى [عنه](٥) أنّ رجلا طحّانا كان لبعض الأكراد عنده ستة دنانير من ثمن قمح ، فزار [الطّحّان] قبر الشيخ ، وجاء الكردىّ فوجده عند قبر الشيخ (٦) ،
__________________
(١) سورة المؤمنون ـ الآيتان ١ و ٢.
(٢) فى «م» : «لثلاثة عشر ليلة» خطأ فى اللغة ، والصواب ما أثبتناه.
(٣) سورة المؤمنون ـ الآية ٢٩.
(٤) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص» ، والمشار إليه فى الهامش بالصفحة رقم (٥٨٥).
(٥) ما بين المعقوفتين عن «م» فى الموضعين.
(٦) فى كرامات الأولياء للنبهانى : «فاتفق أن لقى الكردى ..» أى لقى الكردىّ الطحان وهو يزور قبر أبى الحسن الدينورى مصادفة.
[انظر القصة فى المصدر المذكور ج ٢ ص ٣١٥ ، وقد أوردها النبهانى مختصرة ، وانظر الكواكب السيارة ص ٢٨٧].