واضح أن إمامهم ابن عجلان لم يقصد خرافة نسخ التلاوة ـ إن قلنا أنه سمع بها ـ ؛ لأنه ادعى أن الصحابة لم يكتبوا البسملة ؛ لسقوط أول براءة ، ونسخ التلاوة رفع من الله عزّ وجلّ يبطل به القرآن ويلغيه فتنتفي قرآنيته وينزل مكانه غيره كما قال علماء أهل السنة واستدلوا بهذه الآية ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) (١) فالنسخ لو وقع لأبدل الله الآيات بغيرها تحل محلها فلا يصح تأويل قوله (ذهب منها) بنسخ التلاوة لأن الإبدال لا نقص ولا فقدان فيه .
ثم إن قوله السابق يعني أن قوله تعالى ( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٢) ليس هو أول السورة لذلك لم يكتب الصحابة ( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ) وهذا لا ينسجم مع نسخ التلاوة أيضا ! لأنه إلغاء لقرآنية المنسوخ فلو ألغي قرآنية أول السورة لا يقال حينئذ عن الملغي أنه أول السورة القرآنية ! ، بل أول السورة هو الذي أبقاه الله عزّ وجلّ ولم ينف قرآنيته .
وعلى أي حال فكلامه ظاهر والتمسك بالظاهر حجة ، وكما ترى فإن الكل يترنم بنغمة واحدة وهي ضياع سورة الأحزاب وبراءة في يوم اليمامة ولكن بعضهم يصرح بيوم اليمامة والبعض يكتفي بالضياع .
___________
(١) البقرة : ١٠٦ .
(٢) التوبة : ١ .