عن ابن أبي داود في المصاحف بسنده : أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل : كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ! فقال : إنا الله ! فأمر يجمع القرآن (١) .
___________
(١) تاريخ القرآن للكردي الخطاط : ٢٥ .
أقول : يمكن أن يحاول أهل التأويل ايجاد مخرج لمتن الرواية بالقول أن ابن الخطاب طلب نصها المكتوب ! ، ولكنه أمر غير مستفاد من الرواية كما هو واضح ، ثم إن هذا الطلب للمكتوب إنما قيل ـ بزعمهم ـ بعد الأمر بجمع القرآن وحال المباشرة بجمعه لا قبله ، والرواية صريحة في كونها قبله ، ثم ما دخل فقدان المكتوب بقتل القارئ ؟! فإن القارئ لا يقاتل ومعه المكتوب حتى يفقد ! . وحاول الكردي تأويل الرواية بطريق آخر فقال : (ويحتار بعضهم في فهم هذه الرواية ، كيف أن الآية التي سأل عنها عمر لا توجد إلا مع فلان الذي قتل يوم اليمامة ؟! فنقول : إن منطوق الرواية لا يدل على حصر الآية عند فلان ، فهناك غيره ممن يحفظها أيضا ، فعمر لما سمع بقتل فلان يوم اليمامة خاف من قتل حفاظ كلام الله تعالى أن يضيع القرآن فراجع أبا بكر في ذلك حتى جمعه في الصحف) .
أقول : إن الرواية
ظاهرة في الحصر ، نعم جملة (كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة) بمنطوقها لا تدل على الحصر ، ولكن الرواية مع ملاحظة القرائن الداخلية ظاهرة في الحصر ، إذ
لو لم تكن الآية مختصة بفلان لأجابوا سؤاله وقالوا له : إن الآية التي سألت عنها هي مع
فلان وفلان : وقد كانت مع فلان الذي قتل : ونحن نحفظها أيضا ، لا أن يقال : أنها كانت
مع رجل قتل يوم اليمامة ، فيسترجع ويتحسف على الآية فيأمر بجمع القرآن ! ، ثم إن عددا
كبيرا من الحفاظ قد قتل يوم اليمامة فما بال فلان قد خص من بينهم بالذكر ، أليس لاختصاصه
=