خصوص هذه الجزئية يحل المشكلة ويكفيهم شر القتال .
وحتى لا تفوتنا العبرة هنا نقول : إن هذه التذبذبات والمفارقات في الترك والأخذ والاعتماد والنبذ هي حال من يخترع ويبتدع في دين الله عزّ وجلّ ما ليس منه ؛ لأن دين الله عزّ وجلّ بناء متماسك ونظام متكامل ، ما أن يقحم فيه الهجين الغريب حتى تظهر نتائجه الفاسدة ويبدأ التآكل يظهر في جوانبه الأخرى ، وهذا ملاحظ في كثير من الأمور التي تبناها أهل السنة كعدالة الصحابة والاجتهاد والشورى والكثير من الأقوال التي تتناقض مع الدين والسنة النبوية الشريفة .
اعترف مفسرهم البروسوي في ضمن نقله لاعترافات عدة من علمائهم أن ابن مسعود ادعى أن القرآن سوره مئة واثنتا عشرة سورة فقط بحذف المعوذتين منه ، وكذا أن أبي بن كعب كان يرى القرآن مئة وست عشرة سورة بإضافة سورتي الحفد والخلع :
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : جميع سور القرآن مئة واثنتا عشرة سورة .
قال الفقيه في البستان : إنما قال : إنها مئة واثنتا عشرة سورة
؛ لأنه كان لا يعد المعوذتين من القرآن وكان لا يكتبهما في مصحفه ، ويقول : إنهما منزلتان من السماء ، وهما من كلام رب العالمين ، ولكن النبي عليه السلام كان يرقي ويعوذ بهما ، فاشتبه عليه أنهما من القرآن أو ليستا منه فلم