لا ريب أن القرّاء الذين يقرأون القرآن بالشواذ ، وخاصة القراءة المخالفة لرسم المصحف يعتبرون دعاة تحريف وتبديل ، وحينما يكثر أتباع هؤلاء تبتلي الأمة بشرذمة من الناس لا همّ لها إلا اتباع كل غريب وعجيب من القراءات التي تتستر بدعوى اتباع بعض سلفهم الصالح الذي تلاعب بالقرآن ، وهكذا يصير القرآن لعبة بألسنتهم تحت ستار الدين ورفعا لراية السلفية ، وعلى مر الأيام تضمحل قداسة الكلمات والتراكيب القرآنية وتزول من القلوب ، فيتبادر للذهن أن القرآن ليس بذاك المعجز الذي لا يمكن أن يؤتى بمثله ، فهذا فلان يأتي بكلمات تماثل كلمات القرآن وهكذا الآخر والآخر !
وكان في أحد الأزمنة رجلٌ منهم يسمى ابن شنبوذ يقرأ القرآن بالشواذ ويتتبعها ، وكذلك ابن مقسم ، وقد سعى بهما ابن مجاهد ـ وهو الذي سبّع القراء ـ عند الوزير الشيعي السابق أبي علي بن مقلة فأثبت عليهما الدعوى فأمر بهما فجلدا ، ففقأ الله عزّ وجلّ عين الفتنة على يد هذا الوزير الشيعي .
قال في مقدمة كتاب
السبعة في القراءات :
وأهم من ذلك موقفه ـ ابن مجاهد ـ من ابن شَنّبوذ المقرئ ببغداد لعصره ، وكان يعتمد شواذ القراءات ويقرأ بها ، وقرأ بالمحراب في بعض صلواته بحروف مرويّة عن عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب ، يخالف مصحف عثمان بن عفان الذي اجتمعت عليه الأمة ، وجادل في ذلك وحاول في جرأة أن يُقْرئ بها بعض الناس واشتهر أمره ، وحاول ابن مجاهد أن يردّه إلى جادة الصواب ، ولكنه لم ينته فرفع أمره