السمة البارزة فيمن قال بتحريف القرآن من أهل السنة كونهم قريبي العهد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو بالأحرى من الحوادث التي طرأت على القرآن ، كالصحابة والتابعين وعلماء السلف من أهل السنة الذين عايشوا أحداث جمع القرآن وتحريق المصاحف وادعاءات عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وغيرهم ، وما اعترض به على جمع القرآن والصيحات المنهالة على عثمان والمستنكرة لما آلت إليه عدد آيات السور القرآنية بعد جمع عثمان للمصاحف من ابن مسعود تارة ، ومن عائشة تارة أخرى ، وأمورا أخرى كثيرة كانت بمجموعها أرضية خصبة تجعل إدعاء وقوع التحريف في القرآن من أي شخص آنذاك أمرا ليس بالغريب ولا بالمستهجن لما في تلك الأوضاع والحوادث من قابلية لمثل هذه الأقوال ، فلم تكن في تلك الأزمنة هذه الحساسية الشديدة الموجودة بيننا ، والتي نواجه بها اليوم من يدعي تحريف القرآن .
وعليه فلا يلتفت
لاستغراب بعض العوام حينما ينقل له قول عالم أو صحابي أو تابعي في نقص القرآن ؛ لأن هذا الاستغراب إنما هو نتاج الحالة التي نحن فيها من الأخذ المسلّم للمصحف ، وعدم المقتضي لإثارة مسألة وقوع التحريف في كتاب الله عزّ وجلّ بأيدي الجامعين له سهوا أو عمدا ، ناهيك عن الانعزال التام عن الظروف التي كانت تحيط بالقضية في زمن هذا الصحابي أو التابعي ، فنعلم أن الحكم بكفر من أنكر سورة من القرآن أو آية واحدة ، أو حتى حرفا واحدا أمر مستحدث لم يكن موجودا بين الصحابة