وذكر القرطبي في موضع آخر ما ادعاه عالم آخر من علمائهم ، حيث أنكر قرآنية المعوذتين ، وقد احتج له بأن من روى قرآنية المعوذتين هو عقبة بن عامر وهو ضعيف ، قال القرطبي :
فحذار من الوقوع في أحد منهم ، كما فعل من طعن في الدين ، فقال : إن المعوذتين ليستا من القرآن ، وما صح حديث عن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في تثبيتهما ودخولهما في جملة التنزيل إلا عن عقبة بن عامر وعقبة بن عامر ضعيف لم يوافقه غيره عليها فروايته مطرحة (١) .
وهذا السني المطلع على علم الرجال وطرق الرواية هو واحد ممن تغلب على لهيب التنكيل وسياط التبديع ، وعبر عما بداخله مع كل هذه الضغوط ، فما بالك بمن سكت وأضمر خوفا من تلك المواجهة ؟! .
وكما قلنا سابقا إن أهل السنة عرفوا كيف يتسترون على علمائهم الذين قالوا بتحريف القرآن ، فتعمدوا عدم ذكر أسمائهم ، ولا نقول إلا اللهم استر ولا تنشر !
هذا مع العلم أن الكتب القديمة لم تصل إلينا وكثير من مصنفات أهل السنة بادت وضاعت ، وعليه فالقول إن أحدا من أهل السنة لم يؤلف ما يثبت فيه تحريف القرآن رمي للكلام على عواهنه ورجم بالغيب لا برهان لهم به .
___________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٦ : ٢٩٨ .