وقال أبو عبيد : لم يزل صنيع عثمان رضي الله عنه في جمعه القرآن يعتد له بأنه من مناقبه العظام ، وقد طعن عليه فيه بعض أهل الزيغ فانكشف عوراه ووضحت فضائحه (١) .
ولا يقال إن العالم السابق وأتباعه الذين ظهروا في زمن ابن الأنباري هم الذين عناهم أبو عبيد ؛ لأن ابن الأنباري توفي عن سبع وخمسين سنة عام ٣٢٨ هـ ، وأبو عبيد توفي سنة ٢١٠ هـ فلم ير ابن الأنباري أبا عبيد وما أدرك زمانه ، فمن تكلم عنهم أبو عبيد أسبق زمنا من ذاك العالم الذي تحدث عنه ابن الأنباري .
الحق أن كثيرا من هذه الإشارات موجودة في كتب أهل السنة ، ولكنهم عرفوا كيف يتسترون على مثل هؤلاء الأعلام فأخفوا أسماءهم ونكروهم ، فها هو القرطبي يحكي لنا عن بعض أعيانهم أنه ادعى أن في القرآن غلطاً وتحريفا حصل من كتّاب المصحف :
وقال بعض من تعسف في كلامه : إن هذا غلط من الكتّاب حين كتبوا مصحف الإمام ، قال : والدليل على ذلك ما روي عن عثمان أنه نظر في المصحف ، فقال : أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها . وهكذا قال : في سورة النساء ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ) وفي سورة المائدة ( وَالصَّابِئُونَ ) (٢) .
___________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١ : ٨٤ .
(٢) نفس المصدر ٢ : ٢٤٠ .