بعد أن ذكر ابن كثير الروايات التي تنص على إنكار ابن مسعود للمعوذتين ، وأنه كان يقوم بحكهما من المصحف ، ويدعي أنهما ليستا من كتاب الله ، سكت عنها ابن كثير ، وقال معترفا :
وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء وأن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ، فلعله يسمعهما من النبي صلّی الله عليه [ وآله ] وسلم ولم يتواتر عنده ، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلی قول الجماعة فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الائمة ، ونفذوها إلی سائر الآفاق كذلك ولله الحمد والمنة (١) .
ويكفينا اعتراف ابن كثير بأن ابن مسعود أنكر المعوذتين سواء كان السبب هو عدم سماعها من النبي صلی الله عليه وآله وسلم أو أي شيء آخر وأما قوله : لعله رجعه عن تحريفه ، فلا يسوى سماعه ! إذ ما ينفعنا الإحتمال والكل يمكنه احتمال أي شيء لأي شيء ؟!
اعترف الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري أن الإجماع لم يتحقق بين الصحابة على قرآنية المعوذتين ؛ لأن ابن مسعود أنكر قرآنيتهما ، فقال :
وأما قول النووي في شرح المهذب : (أجمع المسلمون على أن المعوّذتين
___________
(١) تفسير ابن كثير ٤ : ٦١١ ، ط . دار المعارف ـ بيروت .