الفراهيدي رحمه الله تعالى .
الفراهيدي هو أوّل من صنّف نقط أبو الأسود الدؤلي وذكر علله وأول من وضع الروْم والإشمام وابتدع الشكل المتعارف من حركات الإعراب ـ الضمة والكسرة والفتحة والشدة والسكون والهمزة ـ فخدم كُتّاب القرآن الكريم خدمة عظيمة ، إذ كان يختلط عليهم نقط الإعجام بنقط الإعراب حيث كانت تتزاحم في الكلمة الواحدة بشكل يثير اللبس والخلط (١) .
وعمله رحمه الله أثّر أثراً إيجابياً على قراءة القرآن الكريم وفهمه ، ولا يخفى ما لهذا العمل والجهد من أثر في الحفاظ على قراءة القرآن الكريم المتواترة وصيانته من التغيير على مرّ الزمن بتغيّر قراءته وما ينجم عنه من المصائب كالتي حدثت في زمن ابن عفان .
الخط القديم الذي كتب به المصحف زمن عثمان لا تكاد تقوم بينه وبين الخط الذي كتب به المصحف اليوم مقارنة ، بما للكلمة من معنى ؛ لما فيهما من بعد واسع وتغاير فاحش ، فلا يشك المرء من وجود نقلة نوعية للخط العربي النسخي جعلته بهذه الصورة الأنيقة التي تراها اليوم فالمتاحف والمخطوطات القديمة التي تحكي رسالة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم للملوك في عصره شاهد على عدم دقة الخط وتغايره الشديد عن خطنا ، هذا بغض النظر عن فقدان الألفات والنقاط إذ هذه الأحرف التي
___________
(١) انظر ملحق رقم (٣٣) .