ثم إن لزوم أن لا يعبد أحد غير الله تعالى ادعاه ابن عباس فيما يروى للقضاء من غير تفصيل ، فقد أخرج أبو عبيد ، وابن منيع ، وابن المنذر ، وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران أنه قال : أنزل الله تعالى هذا الحرف على لسان نبيكم (ووصّى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) فلصقت إحدى الواوين بالصاد فقرأ الناس ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ ) إذ لو كان على القضاء ما عصى الله أحد . وأخرج مثل ذلك عنه جماعة من طريق سعيد بن جبير وابن أبي حاتم من طريق الضحاك (١) .
اعترف الفخر الرازي بأن ابن مسعود ذهب إلى إنكار المعوذتين ، ولكنه يرجو منا حسن الظن بابن مسعود ! ، قال : وأيضاً فقد نقل عن ابن مسعود حذف المعوذتين وحذف الفاتحة عن القرآن ، ويجب إحسان الظن به وأن نقول : إنه رجع عن هذه المذاهب (٢) .
ونحن يهمنا اعتراف الرازي أن ابن مسعود ذهب هذه المذاهب ، ونترك حسن الظن له ولغيره من المحسنين .
___________
(١) روح المعاني للآلوسي ١٥ : ٥٣ ـ ٥٤ .
(٢) التفسير الكبير ١ : ٢١٣ ، ط . البهية ، مصر ، مع أن ابن حجر قال في فتح الباري ٨ : ٧٤٣ إن الفخر الرازي قال في أوائل تفسيره : (الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل) ولم أعثر عليه ، واعتمدنا ما وجدناه .