الأفعال المحمودة ، ولا يوجد من بين صفات جماله وكماله أي صفةٍ ذميمة ، إذن فهو (حميد) من كل ناحية ويستحق الثناء.
وجاءت كلمة (الفتاح) من مادّة (فتح) ، كما قال الراغب في المفردات وابن فارس في مقاييس اللغة : إنّها تعني بالأصل فتح كلِّ مغلقٍ سواء فتح بابٍ أم حل مشاكل اخرى.
لذلك يُطلق مصطلح (الفتح) على النصر ، لأنّه يحل مشكلة الحرب ، ويُطلق على الحكم أيضاً ، لأنّه يحل النزاع.
ولهذا التعبير معنىً واسعٌ جدّاً عندما يُعبَّر به عن الخالق جلَّ وعلا ، فهو يشمل كل من فتح الأبواب المسدودة ، وحل جميع معضلات العباد المعنويّة والماديّة ، والحكم بالحق ، والحكم الفصل.
قال المرحوم الكفعمي في مصباحه : (الفتّاح) معناه الحاكم بين عباده ، وفتح الحاكم بين خصمين إذا قضى بينهما ، وأيضاً ، الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، وهو الذي بعنايته ينفتح كل مغلق (١).
والأثر التربوي الناجم عن التمعُّن بهذه الصفة الإلهيّة واضحٌ جدّاً ، فمن يعتقد بأنّ الله وحده هو الحاكم ، ويعتقد بأنّ حل المشاكل وفتح الأبواب المغلقة يسير عليه سبحانه ، لا يهاب حجم المشاكل وصعوبتها أبداً ، ولا تتراكم على قلبه ذرات غبار اليأس والقنوط ، ولا يكف عن الجدّ والإجتهاد المصحوبين بالإيمان بالنصر بلطفه سبحانه.
ويجدر الانتباه إلى أنّ كلمة (الفتّاح) لم تتكرر أكثر من مرّة في القرآن وقد رافقتها صفة (العليم) وهذا يوضح صلتها بصفة (الفتّاح) ، وذلك لأنّ حل المشاكل وفتح عُقَد المعضلات يحتاج إلى علم وفير ، فالعليم بكل شيء هو الذي يستطيع حل جميع المشاكل ، وإذا ماأردت ـ أيّها الإنسان ـ أن تحل مشكلة في حياتك أو حياة الآخرين فعليك أن تحيط بها علماً بالمستوى المطلوب!
ولعل وصف الباري بصفة (خير الفاتحين) ، في الآية الشريفة عن لسان قوم شُعيب : (رَبَّنَا
__________________
(١) مصباح الكفعمي ، ص ٣٢١.