فظاهر الآية يوحي أنّها تتحدث عن سعة وجود الباري تعالى ، وطبعاً أنّ سعة وجوده تضمُّ كافّة هذه المعاني والمفاهيم ، من قدرته المطلقه ورحمته الواسعة وكرمه اللامحدود.
لذا قال الفخر الرازي في تفسيره : لأنّ كونه واسعاً يدل على كمال القدرة ، وكونه عليماً على كمال العلم ، فيصح منه لمكان القدرة أن يتفضل على أي عبد شاء بأي تفضل شاء ، ويصح منه لمكان كمال العلم أن لا يكون شيء من أفعاله إلّاعلى وجه الحكمة والصواب (١).
* * *
نتيجة البحث :
يُمكن الاستنتاج من مجموع الآيات السابقة أنّ القدرة الإلهيّة لا تعرف أيّ لونٍ من التحديد والتحجيم ، وخلق السموات والأرض وأنواع الموجودات وخصوصاً مسألة الحياة والموت ، خيرُ دليلٍ على هذا المفهوم.
والغاية من تأكيد الآيات القرآنية على هذه المسألة هي إثبات المعاد والحياة بعد الموت تارةً ، ولتحذير المغرورين الأنانيين تارةً اخرى ، وكذلك لزرع الاطمئنان في قلوب الصالحين والمؤمنين ليسألوه حلّ مشاكلهم ويلتجئوا إليه في امورهم ، ويخشونه ولا يخشون أحداً غيره.
* * *
توضيح
الأدلة على القدرة الإلهيّة المطلقة :
هنالك أدلة مختلفة لاثبات هذه المسألة بعضها علمية ، والاخرى فلسفيّة :
١ ـ الدليل العلمي : (والمقصود من العلم هنا هو العلوم التجريبية) : عندما نجلس في بيتنا ونفكّر في محيطنا المحدود الضيّق فقط ، نجد أنّ الدنيا صغيرة وبسيطة. ولكن لو خرجنا من هذه الدائرة الضيّقة وذهبنا إلى الغابات والمزارع والحقول ، وقمم الجبال
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ٨ ، ص ١٠٥.