لذا فإنّ المقصود من «سبعة ابحر» هو إضافة سبعة أمثال جميع البحار الموجودة على سطح هذه الأرض إلى مقدارها الأصلي ، و «كلمات الله» علمه سبحانه ، أو الموجودات التي أحاط بها علمه. ومن حيث إنّ علمه لامتناهٍ وجميع البحار والأشجار ـ الموجودة ـ متناهية ، لذا من البديهي أن تكون عاجزة عن احصاء علمه.
واللطيف هو تعبيره سبحانه في الآية بكلمة «شجرة» بصيغة المفرد ، و «أقلام» بصيغة الجمع للدلالة على إمكان صياغة الأقلام الكثيرة من ساق وجذع واحد.
وبالرغم من أنّ هناك احتمالين حول المقصود من العدد سبعة وهما : «العدد» و «الكثرة» ، لكنّه يظهر من الآية بأنّ المقصود منه الكثرة لا العدد ، أي مهما أضيفت إليه أبحر اخرى أيضاً فإنّ كلمات الله بالرغم من ذلك لانفاد لها.
والجملة الأخيرة من هذه الآية (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) تؤكد هذه المسألة أيضاً ، لأنّ الله تعني قدرته اللامتناهية في الخلق والإيجاد ، وحكمته أيضاً تدلّ على إحاطته علماً بدقائق وأسرار موجودات العالم.
والأخير حول هذه الآية هو أنّه نقل عن شأن نزولها بأنّ جماعة من اليهود قالوا : بأنّ الله قد ذكر كل شي فى التوراة ولم يُبق شيئاً فقال الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : مثل ما ورد في التوراة بالنسبة إلى كلام الله كالقطرة من البحر ، فنزلت هذه الآية وبيّنت سعة علم الله.
وروي كذلك بأنّ هذه الآية نزلت عندما قال جماعة من الكفار : إنّ ما يأتي به محمد سينتهي قريباً ، فردهم الرسول صلىاللهعليهوآله : بأنّ هذا كلام الله ولا نفاد له ، فنزلت هذه الآية لتبيان هذا المعنى (١).
عنده مفاتح الغيب الخمسة :
لقد عرضت الآية العاشرة أيضاً قسما آخر من علم الله تعالى ، وهو العلوم الغيبيّة المخصوصة بذاته المقدّسة ، وأكدت بأنّ لا أحد يحيط بحقيقتها سواه ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٥ ، ص ١١٧ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٨ ، ص ٥١٥٨.