قال الإمام ابن كثير : تواترت الأخبار عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات وفي روضات الجنات» (١).
أما المعتزلة فيمنعون رؤية المؤمنين لله ـ تعالى في الآخرة ، واستدلوا فيما استدلوا بهذه الآية ، وقالوا : إن الإدراك المضاف إلى الأبصار إنما هو الرؤية ولا فرق بين ما أدركته ببصرى ورأيته إلا في اللفظ.
والذي نراه أن رأى أهل السنة أقوى لأن ظواهر النصوص تؤيدهم ولا مجال هنا لبسط حجج كل فريق ، فقد تكفلت بذلك كتب علم الكلام (٢).
وقوله (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) أى : وهو يدرك القوة التي تدرك بها المبصرات. ويحيط بها علما ، إذ هو خالق القوى والحواس.
وقوله (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أى : هو الذي يعامل عباده باللطف والرأفة وهو العليم بدقائق الأمور وجلياتها.
* * *
ثم أخذ القرآن في تثبيت النبي صلىاللهعليهوسلم وفي تسليته. وفي مدح ما جاء به من هدايات فقال ـ تعالى ـ :
(قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ(١٠٤) وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥) اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧) وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ١٦١.
(٢) راجع تفسير القاسمى ج ٦ ص ٢٤٤٦ وما بعدها.