للمعاصي والجرائم التي من أبرزها عقر الناقة ، فهم قد فعلوا ما فعلوا عن تعمد وإصرار على ارتكاب المنكر.
ثم لم يكتفوا بكل هذا ، بل قالوا لنبيهم في سفاهة وتطاول : (يا صالِحُ ائْتِنا ، بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
نادوه باسمه تهوينا لشأنه ، وتعريضا بما يظنون من عجزه ؛ وقالوا له على سبيل تعجل العذاب الذي توعدهم به إذا استمروا في طغيانهم ائتنا بما توعدتنا به إن كنت صادقا في رسالتك.
ولقد كان رد القدر على تبجحهم وعتوهم واستكبارهم سريعا ؛ قال ـ تعالى ـ (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) :
الرجفة : الزلزلة الشديدة. يقال : رجفت الأرض ترجف رجفا ، إذا اضطربت وزلزلت ؛ ومنه الرجفان للاضطراب الشديد.
وجاثمين : من الجثوم وهو للناس والطير بمنزلة البروك للإبل ، يقال جثم الطائر يجثم جثما وجثوما فهو جاثم إذا وقع على صدره أو لزم مكانه فلم يبرحه.
والمعنى : فأخذت أولئك المستكبرين الرجفة ، أى : الزلزلة الشديدة فأهلكتهم ، فأصبحوا في بلادهم أو مساكنهم باركين على الركب ، ساقطين على وجوههم ، هامدين لا يتحركون. وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
ويتركهم القرآن على هيئتهم جاثمين ، ليتحدث عن نبيهم صالح الذي كذبوه فيقول : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ).
أى : فأعرض عنهم نبيهم صالح ، ونفض يديه منهم ، وتركهم للمصير الذي جلبوه على أنفسهم ، وأخذ يقول متحسرا على ما فاتهم من الإيمان : يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي كاملة غير منقوصة ، ونصحت لكم بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى ، ولكن كان شأنكم الاستمرار على بغض الناصحين وعداوتهم».
هذا وقد وردت أحاديث تصرح بأن الرسول صلىاللهعليهوسلم قد مر على ديار ثمود المعروفة الآن بمدائن صالح وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع من الهجرة ، فأمر أصحابه أن يدخلوها خاشعين وجلين كراهة أن يصيبهم ما أصاب أهلها ، ونهاهم عن أن يشربوا من مائها.
روى الإمام أحمد عن ابن عمر قال : نزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالناس عام تبوك ، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستسقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا