تمهيد بين يدي السورة
١ ـ متى نزلت سورة الأنعام؟
سورة الأنعام عدد آياتها خمس وستون ومائة آية وهي أول سورة مكية من طوال المفصل بالنسبة لترتيب المصحف ، وتعتبر بالنسبة لهذا الترتيب السورة السادسة ، فقد سبقتها سور : الفاتحة ، والبقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، وهي سور مدنية باستثناء سورة الفاتحة.
أما ترتيبها في النزول فقد قال العلماء : إنها السورة السادسة والخمسون ، وإن نزولها كان بعد نزول سورة «الحجر».
ويغلب على الظن أن نزول سورة الأنعام كان في السنة الرابعة من البعثة النبوية الشريفة ، وذلك لأن سورة الحجر التي نزلت قبلها فيها آية تأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بأن يجهر بدعوته وهي قوله ـ تعالى ـ (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (١).
ومن المعروف تاريخيا أن النبي صلىاللهعليهوسلم مكث يدعو الناس سرا إلى عبادة الله زهاء ثلاث سنين ، ثم بدأت مرحلة الجهر بالدعوة في السنة الرابعة من البعثة بعد أن أمره الله بأن يصدع بما يؤمر به ، أى : يجهر بما يكلف بتبليغه للناس ، مأخوذ من صدع بالحجة إذا جهر بها.
قال ابن إسحاق عند حديثه عن مرحلة الجهر بالدعوة الإسلامية : «ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به ، ثم إن الله ـ تعالى ـ أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يصدع بما جاءه منه ، وأن يبادى الناس بأمره ، وأن يدعو إليه ، وكان بين ما أخفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره واستتر به إلى أن أمره الله ـ تعالى ـ بإظهار دينه ثلاث سنين ـ فيما بلغني ـ من مبعثه ، ثم قال الله ـ تعالى ـ له : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٢).
٢ ـ طبيعة الفترة التي نزلت فيها سورة الأنعام :
قلنا إن سورة الأنعام نزلت ـ غالبا في السنة الرابعة من البعثة النبوية ، وهذه الفترة من تاريخ الدعوة الإسلامية كانت فترة نضال فكرى عنيف بين الإسلام والشرك ، ففيها بدأ النبيصلىاللهعليهوسلم يجهر بدعوته ويصارح قريشا برسالته ، ويدعوهم بأعلى صوته إلى الإيمان بالله وملائكته
__________________
(١) سورة الحجر الآية : ٩٤.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ، ج ١ ص ٢٧٤ طبعة المكتبة التجارية.