(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها. فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ).
والأشراط : جمع شرط ـ بفتح الشين والراء ـ وهي العلامات الدالة على قربها ، وأعظم هذه العلامات بعثة النبي صلىاللهعليهوسلم إذ بها كمل الدين وما بعد الكمال إلا الزوال.
وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «بعثت أنا والساعة كهاتين» ويفرج بين إصبعيه الوسطى والسبابة.
وفي حديث جبريل المشهور أنه سأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن الساعة ، فقال له ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، وسأخبرك عن أشراطها :
«إذا ولدت الأمة ربها ـ أى سيدها ـ ، وإذا تطاول رعاة الإبل في البنيان».
ومن علامات الساعة ـ كما صرحت بذلك الأحاديث ـ قبض العلم ، ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» ومنها ـ أى من علامات الساعة ـ كثرة الزلازل ، وتقارب الزمان ـ أى قلة البركة في الوقت بحيث يمر الشهر كأنه أسبوع ـ ، وظهور الفتن وكثرة الهرج ـ أى القتل إلى غير ذلك من العلامات التي وردت في الأحاديث النبوية ، وقد ساق بعض المفسرين وعلى رأسهم ابن كثير جملة منها (١).
ثم أمر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يبين للناس أن كل الأمور بيد الله ـ تعالى ـ ، وأن علم الغيب كله مرجعه إليه ـ سبحانه ـ فقال :
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا) أى : لا أملك لأجل نفسي جلب نفع ما ولا دفع ضرر ما.
وقوله (لِنَفْسِي) متعلق بأملك. أو بمحذوف وقع حالا من (نَفْعاً) والمراد : لا أملك ذلك في وقت من الأوقات.
وقوله (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) استثناء متصل. أى لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا في وقت من الأوقات إلا في وقت مشيئة الله بأن يمكنني من ذلك ، فإننى حينئذ أملكه بمشيئته.
وقيل : الاستثناء منقطع ، أى لكن ما شاء الله من ذلك كائن.
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٧١.